سياسات ترامب التجارية تحيي طموح أوروبا في طرح اليورو بديلا عن الدولار
حذّرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد الاثنين من أن النظام الاقتصادي العالمي المدعوم بالدولار الأميركي “يتصدّع”، وطرحت فكرة تحوّل اليورو إلى عملة الاحتياطي العالمي، وذلك في ضوء السياسات التي اتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقادت إلى توتر في العلاقات الاقتصادية مع شركاء دوليين مهمين.
وتشجع دعوة لاغارد لاستبدال الدولار باليورو مبادرات سابقة كانت قد دعت إلى تعويض الدولار بعملات أخرى مثل اليوان الصيني في التعاملات سواء بين مجموعة بريكس أو في تعاملات بيع النفط والغاز بين الدول المشمولة بعقوبات أميركية.
وفي حال انضمام أوروبا بشكل رسمي لدعوات استبدال الدولار، فإن ذلك قد يصبح تحديا حقيقيا أمام الولايات المتحدة، لكنها تراهن على صعوبة نجاح اليورو أو اليوان الصيني في أن يتحولا إلى عملة عالمية، وأن يظل كلاهما في منطقة جغرافية محددة ما يعيق المنافسة مع الدولار.
وقالت الصين منذ فترة طويلة إن أولى أولويات الرئيس شي جينبينغ الملحة الابتعاد عن التسعير الأساسي بالدولار في أسواق الطاقة واعتماد العملة الصينية بدلا منه.
رغم المخاوف المتزايدة لا يزال الدولار يتمتّع بمكانة راسخة كأكبر عملة احتياطية في العالم
واعتبرت لاغارد أن الاضطرابات الأخيرة تهدد “الدور المهيمن للدولار الأميركي،” مشيرة إلى أن تفكك النظام الاقتصادي العالمي “يعرّض أوروبا لمخاطر.”
وفيما لفتت إلى أن “أيّ تغير في النظام الدولي يؤدي إلى تراجع في التجارة العالمية أو التشرذم إلى تكتلات اقتصادية، يضر باقتصادنا،” وأكدت أن من شأن تراجع الدولار أن “يفتح الباب لليورو للعب دور دولي أكبر.”
ورغم المخاوف المتزايدة لا يزال الدولار يتمتّع بمكانة راسخة كأكبر عملة احتياطية في العالم. ويقول ترامب إنه يريد أن يحافظ على هذا الوضع، وحذّر من محاولات تقويضه.
وقالت لاغارد في خطاب في “كلية هرتي” في برلين إن استمرار هذا النظام الاقتصادي بقيادة الولايات المتحدة على مدى السنوات الثمانين الماضية “أثبت بأنه مفيد بشكل هائل بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي.. لكنه اليوم يتصدع،” في إشارة واضحة إلى التوتر في التجارة العالمية على خلفية تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية واسعة على شركاء رئيسيين.
وأكدت بأن “التعاون متعدد الأطراف يُستبدل (حاليا) بصراعات ثنائية. تحل الحمائية مكان الانفتاح.”
ويسعى ترامب إلى قلب الاقتصاد العالمي رأسا على عقب بسياساته التجارية، لكن بعد أن أثار إعلانه في أبريل فرض رسوم جمركية على عدة دول اضطرابا في الأسواق المالية، خفف من حدة تهديداته وفضل المحادثات. ومنذ ذلك الحين، وقّعت واشنطن اتفاقا مع بريطانيا وأجرت مناقشات مع الصين.
وحصل الاتحاد الأوروبي على مهلة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ما يتعلق بالرسوم الجمركية البالغة 50 في المئة التي هدد بفرضها على التكتل، ولكن لا يزال من غير الواضح كيف سيوازن الاتحاد بين مساعيه للتوصل إلى اتفاق تجاري مفيد للطرفين وبين مطالب واشنطن بتقديم تنازلات كبيرة.
وتراجع ترامب عن فرض الرسوم على واردات الاتحاد الأوروبي اعتبارا من الأول من يونيو بعد مكالمة هاتفية مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ليرجئ الموعد النهائي إلى التاسع من يوليو للسماح للمحادثات بين الولايات المتحدة والاتحاد الذي يضم 27 دولة بالتوصل إلى اتفاق.
لكن لم تظهر مؤشرات واضحة على إحراز ترامب وفون دير لاين أيّ تقدم يُذكر، إن وجد، نحو التوصل إلى حل تفاوضي للنزاع التجاري.
ويضغط الاتحاد الأوروبي من أجل التوصل إلى اتفاق يضمن المنفعة المتبادلة ويمكن أن يشمل انتقال الجانبين إلى عدم فرض رسوم جمركية على السلع الصناعية وشراء الاتحاد الأوروبي المزيد من فول الصويا والأسلحة والغاز الطبيعي المسال مع الاستغناء التدريجي عن جميع واردات الغاز الروسي بحلول نهاية عام 2027.
وقال أحد مسؤولي الاتحاد الأوروبي إن التكتل يمكن أن يشتري المزيد من لحوم الأبقار الخالية من الهرمونات كما فعلت بريطانيا في اتفاق تجاري أبرمته مع الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر.
وقالت المفوضية الأوروبية الاثنين إنها ستقدم حججا قوية لعرض إلغاء الرسوم الجمركية نهائيا من الجانبين، بما في ذلك في مكالمة هاتفية بين المفوض التجاري الأوروبي ماروش شفتشوفيتش ووزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك.