التحذيرات اللبنانية تدفع حماس لتسليم مطلق الصواريخ نحو إسرائيل
أعلن الجيش اللبناني الأحد أنه تسلّم من حماس فلسطينيا يشتبه بضلوعه في إطلاق صواريخ نحو إسرائيل في مارس، وذلك بعد أيام من تحذير السلطات الحركة الفلسطينية من القيام بأعمال "تمسّ بالأمن القومي".
ويُنظر إلى هذا التسليم على أنه استجابة أولية للضغوط اللبنانية المتزايدة، وإدراك من حماس لخطورة وضعها في لبنان وتداعيات استخدام الأراضي اللبنانية لشن هجمات، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي يعاني منها لبنان وتأثير أي تصعيد أمني على اللاجئين الفلسطينيين.
ويرى العديد من المراقبين والمحللين أن تسليم مطلق الصواريخ يبقى إجراء محدودا وغير كافيا لمعالجة جذور المشكلة المتمثلة في وجود سلاح غير شرعي بأيدي فصائل مسلحة داخل الأراضي اللبنانية، وخاصة في المخيمات الفلسطينية، مشيرين إلى أن التحدي الأكبر يكمن في معالجة قضية السلاح غير الشرعي المنتشر في المخيمات، وهو ما يتطلب تعاونا أعمق والتزاما حقيقيا من حماس والفصائل الأخرى بتسليم أسلحتها أو وضعها تحت سيطرة الدولة اللبنانية لضمان سيادة لبنان واستقراره ومنع تحوله إلى ساحة للصراعات الإقليمية.
ويمتلك الجناح العسكري لحماس، كما هو معروف، تنظيما وهيكلية قد تتجاوز مجرد أفراد يقومون بعمليات إطلاق صواريخ بشكل فردي، وبالتالي، فإن تسليم فرد واحد لا يعني تفكيك هذه البنية أو الحد من قدرتها على القيام بأنشطة مماثلة في المستقبل.
وتشهد المخيمات الفلسطينية في لبنان منذ عقود وجود أسلحة بأيدي مختلف الفصائل، بما فيها حماس. هذه الأسلحة لا تُستخدم فقط في عمليات ضد إسرائيل، بل قد تكون مصدرا للاشتباكات الداخلية والتوترات الأمنية داخل المخيمات نفسها، كما تؤثر على الأمن العام في المناطق المحيطة.
وقال الجيش في بيان "تسلمت مديرية المخابرات من حركة حماس الفلسطيني (م.غ.) عند مدخل مخيم عين الحلوة" للاجئين عند أطراف مدينة صيدا (جنوب)، وهو "مشتبه بتورطه في عمليتَي إطلاق صواريخ باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة" في 22 و28 مارس الماضي.
وأوضح أن ذلك جاء "بناء على توصية المجلس الأعلى للدفاع وقرار الحكومة اللبنانية في ما خص التحذير من استخدام الأراضي اللبنانية للقيام بأي أعمال تمس بالأمن القومي اللبناني تحت طائلة اتخاذ أقصى التدابير والإجراءات اللازمة لوضع حد نهائي لأي عمل ينتهك السيادة اللبنانية، ونتيجة سلسلة اتصالات أجرتها مديرية المخابرات والمديرية العامة للأمن العام".
وكان المجلس حذّر حماس الجمعة من القيام بأعمال "تمسّ بالأمن القومي"، بعد عمليتي إطلاق الصواريخ باتجاه اسرائيل التي ردت بقصف جنوب البلاد والضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله الحليف للحركة الفلسطينية.
وشدّد على "اتخاذ أقصى التدابير والإجراءات اللازمة لوضع حد نهائي لأي عمل ينتهك السيادة اللبنانية".
وأوقف الجيش في أبريل لبنانيين وفلسطينيين ضالعين في عمليتي إطلاق الصواريخ اللتين لم تتبنهما أي جهة، فيما نفى حزب الله أي علاقة له بها.
وبينما لم يحدد الجيش انتماء الموقوفين، أفاد مصدر أمني بأن ثلاثة منهم ينتمون لحماس.
وسبق للحركة أن تبنت إطلاق صواريخ من لبنان خلال المواجهة التي بدأت بين إسرائيل وحزب الله عام 2023 على خلفية الحرب في قطاع غزة.
ورغم سريان اتفاق لوقف إطلاق النار منذ 27 نوفمبر، تواصل الدولة العبرية شنّ ضربات دامية تؤكد أنها تستهدف عناصر في الحزب أو "بنى تحتية" عائدة له لا سيما في جنوب لبنان. كذلك، طالت بعض الضربات عناصر في حماس أو فصائل لبنانية حليفة لها أو للحزب، تتهمهم الدولة العبرية بالضلوع في المواجهة عبر الحدود.
وتشدد السلطات اللبنانية في الآونة الأخيرة على اتخاذها قرارا بـ"حصر السلاح بيد الدولة"، وسط ضغوط أميركية متصاعدة لسحب سلاح حزب الله بعدما تكبّد خسائر فادحة في البنية العسكرية والقيادية خلال الحرب مع إسرائيل.
ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار على انسحاب مقاتلي الحزب من المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني (على مسافة نحو 30 كيلومترا من الحدود) وتفكيك بناه العسكرية، وتعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة.
كذلك، نصّ على انسحاب إسرائيل من مناطق توغلت فيها في جنوب لبنان خلال الحرب. وقد انسحبت القوات الإسرائيلية منها، باستثناء خمسة مرتفعات تتيح لها الإشراف على جانبي الحدود.