الحرب أم الهدنة؟.. 4 عوامل رئيسية ترسم مصير غزة في 2026
تأتي زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى فلوريدا في أواخر العام 2025، للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في لحظة دقيقة وحاسمة للصراع في غزة.
فعلى الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار، لكن المشهد يتسم بهشاشة بالغة وتداخل في العوامل التي ستحدد مسار العام 2026، والذي قد يكون عام إدارة الأزمات وليس عام الحلول الجذرية، وفقا لموقع مجلة "ريسبونسبول ستيت كرافت".
وبحسب المصدر ذاته فإن هناك 4 عوامل محورية ستفرض نفسها على طاولة لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نتنياهو وتؤثر على مستقبل الصراع.
العامل الأول: حرب لم تنتهِ.. هدنة هشة على حافة الانفجار
شكل إعلان وقف إطلاق النار رسمياً في أكتوبر/تشرين الأول 2025 منعطفاً في الحرب، لكن الواقع يشير إلى أن العمليات العسكرية لم تتوقف تماماً، حيث استمرت الغارات الإسرائيلية المميتة.
وهذا المشهد يحول دون إحراز أي تقدم سياسي حقيقي، ويحافظ على القطاع في حالة تهدئة قسرية و"هدوء يسبق اختباراً جديداً للقوة".
وتكمن خطورة هذا الوضع في أن غزة ستستمر دون حل سياسي واضح، ما يجعل من أي خرق أمني بسيط شرارة لجولة عنف جديدة.
ولا يقتصر الخطر على القطاع نفسه؛ فتصعيد في جبهة أخرى، مثل حزب الله في لبنان، قد يخدم أجندة سياسية داخلية إسرائيلية لإثبات الحزم و"إعادة ترسيخ معادلة الردع"، خاصة إذا اعتُبرت نتائج حرب غزة غير حاسمة استراتيجياً.
العامل الثاني: اختبار الحوكمة الدولية.. خطط غامضة وتعثر في التطبيق
تقوم الخطة الأمريكية، التي حصلت على دعم من مجلس الأمن عبر القرار 2803، على ركيزتين أساسيتين: تشكيل "مجلس سلام دولي" برئاسة ترامب للإشراف على إعادة الإعمار، ونشر "قوة استقرار دولية" بدءاً من يناير/كانون الثاني 2026.
بيد أن هاتين الآليتين تواجهان تحديات عميقة تهدد بتحويلهما إلى هياكل شكلية أو تسبب تعثرها الكامل، أبرز هذه الإشكاليات هي فجوة التنفيذ على الأرض: ويكشف الموقف الميداني فجوة كبيرة بين الطموح السياسي واستعداد الدول للمشاركة.
وفرضت دول مثل إندونيسيا وإيطاليا شروطاً صارمة تحد من انتشار القوات الدولية، بينما رفضت دول أخرى مثل أذربيجان المشاركة تماماً بسبب الغموض حول طبيعة التفويض والمخاطر الأمنية. هذا التردد الدولي يحول قوة الاستقرار المحتملة إلى وجود أمني محدود في أطراف القطاع، من دون قدرة على فرض استقرار حقيقي.
كما يعترض الطريق نحو تشكيل مجلس السلام الخلافات حول عضويته وصلاحياته، ما يعكس انعدام الثقة بين الأطراف الدولية والإقليمية.
العامل الثالث: تداعيات اقتصادية مدمرة.. صمود على حافة الانهيار
لا يمكن فهم التعقيدات السياسية والأمنية دون النظر إلى الكارثة الاقتصادية والإنسانية التي خلّفتها الحرب، والتي ستشكل بيئة خصبة للتوتر المستمر في 2026.
و يشير تقرير مشترك لسلطة النقد الفلسطينية والجهاز المركزي للإحصاء إلى أن الاقتصاد الفلسطيني دخل في "ركود عميق" خلال 2025، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي في غزة بنسبة 84 في المئة مقارنة بعام 2023.
يضاف إلى ذلك التبعات الاقتصادية لإسرائيل حيث تشير تقديرات رسمية إسرائيلية إلى أن حرب غزة ستترك "ندوباً واسعة" في الاقتصاد الإسرائيلي على المدى المتوسط.
ويتوقع تراجع معدل النمو السنوي في السنوات القادمة، مع ارتفاع الإنفاق الدفاعي إلى مستويات مرتفعة وزيادة الدين العام، ما قد يؤدي إلى خسارة دائمة في الناتج المحلي الإجمالي تقدر بما بين 100 و250 مليار شيكل خلال عقد واحد.
العامل الرابع: مشهد سياسي إقليمي متشظٍ.. إرث الحرب وإرادة الشعوب
يأتي عام 2026 في ظل واقع فلسطيني ممزق، ويظل المشهد الفلسطيني منقسماً بين سلطة وطنية في رام الله، وفصائل مسلحة في غزة، وواقع احتلال متصاعد في الضفة الغربية.
وفي هذا السياق، قد تتبنى فصائل مثل "حماس" خطاباً أكثر مرونة تجاه ملفات مثل نزع السلاح، لكن ذلك سيكون مشروطاً بحصولها على ضمانات سياسية حقيقية بإنهاء الاحتلال والعودة إلى مشروع الدولة، وهو ما يبدو بعيد المنال حالياً.