معادلة «معقدة».. رئاسة حكومة العراق بين «فيتو» واشنطن وانقسام الإطار

وكالة أنباء حضرموت

وسط احتدام المنافسة والانقسام بين الفصائل العراقية، بشأن اختيار مرشح لرئيس الحكومة، بعد أكثر من شهر على إجراء الانتخابات البرلمانية، دخلت واشنطن على الخط بتحذير ومعارضة.

فبحسب مسؤوليْن عراقييْن طلبا عدم الكشف عن هويتهما، فإن واشنطن تتدخل بشكل مباشر في المعادلة، مشيرين إلى أنها (واشنطن) حذّرت من اختيار أي مرشح لرئاسة الوزراء يسيطر على فصيل مسلح، وعارضت منح شخصيات مرتبطة بالميليشيات حقائب وزارية سيادية أو مناصب أمنية حساسة.

ورغم حصد تحالف رئيس الوزراء المنتهية ولايته، محمد شياع السوداني، أكبر عدد من المقاعد (46 مقعداً)، إلا أن هذا الإنجاز لا يضمن له تشكيل الحكومة بمفرده.

وبرز السوداني خلال ولايته الأولى كسياسي براغماتي ركّز على الخدمات وحاول إبعاد العراق عن الصراعات الإقليمية.

لكن موقعه أصبح محفوفاً بالمخاطر، فـ«الإطار التنسيقي» - التحالف الشيعي الأكبر والذي يضم حزب السوداني اسمياً - يبدو غير ميال لتأييد ترشيحه لولاية ثانية، بحسب وكالة «أسوشتد برس».

ويرى المحلل السياسي سجاد جياد أن الدروس المستفادة من تجربة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الذي سعى لولاية ثالثة، جعلت الإطار حذراً من أي رئيس وزراء طموح قد «يسعى إلى الاستئثار بالسلطة على حساب آخرين».

وبحسب جياد، فإن أي مرشح للمنصب يجب أن يكون مقبولاً من الفاعلين المحليين (المرجعية الدينية العليا في النجف) والدوليين.

وكان مصدر قيادي في الإطار التنسيقي كشف لـ«العين الإخبارية»، عن استمرار حالة الانقسام، بين محورين متنافسين على منصب رئاسة الوزراء.

وبحسب المصدر، فإن المحورين المتنافسين، يقودهما رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني ورئيس الحكومة السابق نوري المالكي.

انقسام الإطار
وأوضح المصدر في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن محور السوداني يضم شخصيات بارزة مثل زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، وزعيم حركة عطاء رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، وأمين عام تحالف سند أحمد الأسدي، وزعيم تحالف الخدمات شبل الزيدي، وأمين عام حركة أنصار الله الأوفياء حيدر الغراوي.

بينما يضم محور المالكي شخصيات سياسية؛ تشمل: زعيم تحالف النصر حيدر العبادي، وأمين عام تحالف ابشر يا عراق الشيخ همام حمودي، وزعيم تحالف الأساس العراقي محسن المندلاوي، ورئيس حركة حقوق حسين مؤنس، وزعيم حركة كتائب سيد الشهداء أبو آلاء الولائي، والأمين العام لحركة النهج الوطني عبد الحسين الموسوي، وزعيم تحالف تصيم عامر الفائز، بحسب المصدر.

وحول موقف زعيم عصائب أهل الحق، قال المصدر، إن قيس الخزعلي أبدى تحفظه حيال الانحياز لأي محور، رغم وجود مؤشرات على ميله إلى السوداني.

ووفقًا للمصدر، فإن اجتماعات الإطار شهدت تمسك السوداني بحقه في الترشح، بينما يشير المالكي إلى أنه غير متمسك بالترشيح لكنه يشترط انسحاب السوداني معه، مما خلق أزمة داخل الإطار حول آليات المفاضلة بين المرشحين، سواء بالتصويت، أو الإجماع، أو التوافق.

تحديات
ويتوقع أن تواجه الحكومة القادمة، أياً كان تشكيلها، وضعاً أمنياً يحمل هدوءاً نسبياً مقارنة بأعوام سابقة، لكنها ستعمل تحت وطأة برلمان منقسم، وصعود ملحوظ للنفوذ السياسي للفصائل المسلحة، واقتصاد يعتمد بشكل كبير على عوائد النفط.

كما ستكون عرضة لضغوط دولية وإقليمية متضاربة، لاسيما فيما يتعلق بملف الجماعات المسلحة المدعومة من إيران ومستقبلها.

أسفرت الانتخابات عن فوز التحالفات الشيعية التي يهيمن عليها الإطار التنسيقي بـ 187 مقعداً. وقد عزز من موقع الإطار التنسيقي مقاطعة التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، للانتخابات، مما خلق فراغاً سياسياً في معاقله التقليدية استغلته فصائل منافسة.

نزع السلاح
الأمر الأكثر لفتاً هو حصد الأحزاب المرتبطة مباشرة بالفصائل المسلحة لأكثر من 100 مقعد برلماني، وهو أعلى تمثيل لها منذ عام 2003، مما يمنحها نفوذاً سياسياً غير مسبوق قد يعقد عملية نزع السلاح أو دمجه تحت سيطرة الدولة الفعلية.

وستكون القضية الأكثر إشكالاً أمام الحكومة المقبلة هي التعامل مع "قوات الحشد الشعبي" والفصائل المسلحة التابعة لها، والتي تتصرف باستقلالية كبيرة رغم وضعها رسمياً تحت إمرة الجيش. وقد ردّدت كتائب حزب الله، المصنفة إرهابياً من قبل واشنطن، رفضها التخلي عن السلاح مؤخراً، مشترطة انسحاب القوات الأجنبية أولاً.

إلى جانب هذا التحدي الأمني والسياسي، تواجه الحكومة المقبلة أزمة اقتصادية خانقة يتجلى فيها ارتفاع الدين العام إلى نحو 69 مليار دولار، واستمرار اعتماد الموازنة على النفط بنسبة 90%، وسط فساد مستشرٍ يحبط محاولات الإصلاح والتنويع.