حسابات التواصل الاجتماعي تهدد مستقبلهم.. جنود أمريكا تحت الرقابة

وكالة أنباء حضرموت

في ظل تشديد وزارة الدفاع الأمريكية رقابتها على الخطاب السياسي داخل القوات المسلحة، بات عدد متزايد من الجنود والضباط يلجأون إلى فرض رقابة ذاتية على أنفسهم، عبر حذف منشورات سابقة أو إغلاق حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، خوفًا من أن تتحول آراؤهم إلى عب

هذا المناخ المشحون بالقلق جاء نتيجة تدقيق متزايد يستهدف، على نحو خاص، الخطاب المنتقد للمحافظين أو لإدارة الرئيس دونالد ترامب، ما دفع عسكريين إلى اتخاذ خطوات وقائية غير مسبوقة لحماية مساراتهم الوظيفية.

وفي مقابلات مع موقع «بيزنس إنسايدر»، كشف جنود ومستشارون قانونيون أن سلوكيات العسكريين تغيّرت بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأخيرة، مع تصاعد التحقيقات الإدارية التي قد تنتهي بإنهاء الخدمة من دون محاكمات عسكرية علنية.

وأفاد أحد أفراد الخدمة بأنه اضطر إلى حذف منشور وصف فيه الهجمات الأمريكية على قوارب في البحر الكاريبي بأنها «غير قانونية»، بعد أن اطّلع أحد المسؤولين في قيادته على المنشور ووجّه له تحذيرًا غير مباشر. وفي حالة أخرى، قام ضابط برتبة ميدانية بإغلاق حسابه على «فيسبوك» وتجنّب التفاعل مع زملائه الذين يرسلون روابط لمقالات إخبارية، خشية أن يُستدرج إلى إبداء رأي قد يُفسَّر على أنه انتقاد للإدارة.

هذه الممارسات الفردية تعكس، وفق متابعين، مناخًا أوسع من التوجس يسود صفوف القوات المسلحة، خصوصًا مع انتقال حملة التدقيق إلى العلن وعلى أعلى المستويات.

وقد تجددت التوترات مؤخرًا بعدما أعلنت وزارة الدفاع فتح تحقيق قيادي بحق السيناتور الديمقراطي مارك كيلي، عقب مراجعة أولية لمقطع فيديو دعا فيه الجنود إلى الامتناع عن تنفيذ الأوامر غير القانونية، ما اعتبره البعض رسالة إضافية تؤكد اتساع نطاق الرقابة.

وتبرر إدارة ترامب هذه الإجراءات بأنها تدخل ضمن صلاحياتها لضبط الخطاب الذي تراه مسيئًا أو غير مناسب، فيما يؤكد وزير الدفاع بيت هيغسيث أن الهدف هو «اجتثاث السياسة» من المؤسسة العسكرية.

غير أن عددًا من خبراء القانون العسكري يرون أن ما يجري يمثل توسعًا مفرطًا في استخدام السلطة، قد يصل إلى حد إساءة توظيف القواعد القانونية لتكميم آراء مشروعة.

ويرى خبراء في القانون العسكري أن معظم هذه القضايا يصعب أن تصمد أمام المحاكم العسكرية، لغياب العناصر القانونية التي تجرّم الخطاب، مثل توجيه «إهانات مهينة» لمسؤول منتخب، أو لكون التعليقات صدرت في سياق شخصي بعيد عن الخدمة العسكرية أو ارتداء الزي الرسمي.

ومع ذلك، فإن مجرد فتح التحقيقات وما يصاحبها من إجراءات إدارية بات، في حد ذاته، مصدرًا للضغط والعقاب غير المباشر.

ويقر قادة عسكريون بأنهم يتابعون ما يصفونه بـ«الاستخدام غير المهني» لوسائل التواصل الاجتماعي، فيما دعا وزير البحرية، في رسالة داخلية سابقة، البحارة وأفراد مشاة البحرية إلى تجنب التفاعل العلني بشأن السياسات الحكومية أو العسكرية.

ويرى منتقدون أن هذا النهج يتجاوز ضبط السلوك المهني ليقترب من تقييد أوسع للآراء، بما يغذي مناخ الشك والريبة داخل المؤسسة.

ورغم أن قانون القضاء العسكري الموحّد يفرض قيودًا على بعض أشكال التعبير التي تمس الانضباط أو تحط من احترام القادة، فإن العسكريين لا يزالون يتمتعون بحماية دستورية واسعة، خصوصًا عندما يعبّرون عن آرائهم بصفة شخصية وخارج إطار الخدمة.

إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي، بما لها من قدرة على تضخيم الرسائل وانتشارها، جعلت أي تعليق عرضة للتأويل على أنه موقف مؤسسي، وهو ما يفاقم حساسية القيادة العسكرية تجاه هذا النوع من الخطاب.