اخبار الإقليم والعالم
انتخابات الجمهوريين في فرنسا.. هل تكون طوق نجاة أم خسارة جديدة؟
رأى خبراء سياسيون أن الجدل الدائر داخل حزب الجمهوريين الفرنسي (يمين) لا يتعلق فقط بآلية اختيار المرشح الرئاسي،
بل بمستقبل اليمين التقليدي بأكمله في بلد تتقدم فيه أحزاب أقصى اليمين على حساب القوى التقليدية.
وبعد هزائم 2017 و2022، عاد السؤال المحرج إلى الطاولة: هل تنقذ الانتخابات التمهيدية حزب الجمهوريين الفرنسي أم تعمق جراحه؟
ورغم أن فكرة "المرشح الطبيعي" كانت تهيمن داخل الحزب في السنوات الأخيرة، عاد قادة الجمهوريين لفتح ملف الانتخابات التمهيدية من جديد خلال اجتماع المجلس الاستراتيجي في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، في محاولة لتهيئة المشهد قبل انتخابات 2027.
خلافات داخلية
ولم يحسم رئيس الحزب برونو ريتايو القرار بعد، مكتفياً بإحالة المسألة إلى "اختيار الأعضاء" وفق النظام الداخلي الجديد، مع تشكيل لجنة عمل لدراسة آليات التصويت.
ورغم أن القرار نظريًا سيتخذ بداية 2026، فإن نقاشات الحزب تكشف قلقًا كبيرًا من تكرار سيناريو عامي 2017 و2022 حين قادت الانتخابات التمهيدية إلى مرشحين خرجوا مبكرًا من السباق، وفقاً لصحيفة "لوموند" الفرنسية.
وأيضًا تغير المشهد جذريًا بعد رحيل إيريك سيوتي نحو تحالف مع أقصي اليمين ودعمه مارين لوبان وجوردان بارديلا، ما أسقط فرضية "المرشح الطبيعي" التي كانت تمنح لوران فوكييز الأفضلية داخل الحزب.
حل أم فخ؟
المعضلة الأبرز اليوم أن أي انتخابات تمهيدية داخل الحزب قد تشعل مزيدًا من الانقسامات، خاصة في ظل تعدد الطامحين: لوران فوكييز، وزافييه برتران، ودافيد ليسنار، وربما ميشيل بارنييه.
لكن عدة شخصيات داخل اليمين ترى أن غياب مرشح قوي في استطلاعات الرأي يجعل اللجوء إلى الانتخابات التمهيدية ضرورة وليست خيارًا.
بدورها، قالت آن موكسل الباحثة الفرنسية في المركز القومي الفرنسي، التابع لمعهد الدراسات السياسية والمتخصصة في السلوك الانتخابي لـ"العين الإخبارية" إن أزمة الجمهوريين ليست تقنية، بل نفسية وتنظيمية، موضحة أن اليمين التقليدي فقد هويته منذ سقوطه في 2017.
وأضافت أن "مشكلة الجمهوريين ليست كيف نختار المرشح، بل من هو الناخب الذي سيصوت لهذا المرشح. الانتخابات التمهيدية قد تنتج مرشحًا شرعيًا داخليًا، لكنها لا تضمن قاعدة شعبية واسعة خارج الحزب."
وأشارت إلى أن انقسام أصوات اليمين بين الجمهوريين، ماكرون، و"التجمع الوطني"، يجعل ضمان الوصول إلى الدور الثاني شبه مستحيل دون توحيد الصفوف.
بدورها، قالت سيليا بلين، الباحثة في معهد مونتين وخبيرة في اليمين الفرنسي لـ"العين الإخبارية" إن التخوف الأكبر ليس من الهزيمة، بل من سيناريو "الإقصاء المبكر للمرة الثالثة".
وأضافت أن "هناك قلقا حقيقيا داخل الحزب من تكرار هزيمة فالييري بيكريس، وأن أي انتخابات تمهيدية مفتوحة قد تسمح بمرشح لا يملك القدرة على مواجهة لوبان أو اليسار الراديكالي في الدور الثاني."
ورأت أن السيناريو الأكثر تداولًا داخل القيادات الآن هو البحث عن تحالفات مع الوسط أو اليمين المحافظ، بدل الدخول بمرشح ضعيف."
الخطر الأكبر
واعتبرت أن خوف قيادات الحزب ليس فقط من مارين لوبان، بل من صعود جان لوك ميلنشون الذي تتقدم شعبيته وفق آخر الاستطلاعات، ومعه احتمال تشتت أصوات اليمين بين ثلاثة معسكرات.
وتابعت: "وصل الحزب إلى مفترق طرق حقيقي، بإجراء انتخابات تمهيدية، والتي تعني شرعية داخلية، لكنها قد تفرز مرشحًا ضعيفًا خارجيًا، أو إلغاء التمهيدية، باتخاذ قرار سريع لكنه قد يسبب انقساما داخليًا ويفقد الثقة الشعبية".