اخبار الإقليم والعالم
بين كبح الإرهاب ومخاوف زعزعة الاستقرار.. رهانات «مشرط» النيجر الجوي
وسط ظروف حرب «غير متكافئة» ضد تنظيمات إرهابية تختبئ وتتحرك بين المدنيين، كان لزاما التعامل مع تلك العناصر بـ«مشرط جراح»، لتحييدها، وتجنب سقوط ضحايا مدنيين.
ذلك الوضع دفع الجيش النيجري، إلى شن ضربات جوية «أثبتت نجاعتها»، إلا أنها أثارت مخاوف من إمكانية إعادة زعزعة الاستقرار السياسي لبلد لا زالت قياداته تحاول احتواء التهديدات الداخلية والخارجية.
وتواجه النيجر، في غربها، هجمات متكررة من جماعات مرتبطة بـ«القاعدة» وتنظيم «داعش» الإرهابي، وهي تهديدات يصعب على المجلس العسكري الذي تولّى الحكم قبل عامين احتواؤها.
فهل تقود الحرب على الإرهاب إلى الاستقرار؟
يقول أستاذ علم السياسة النيجري في جامعة مونتريال مامودو غازيبو في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن المجلس العسكري في النيجر يواجه تحديات أمنية، لا سيما في مكافحة الإرهاب.
تحديات، جعلت من الضربات الجوية «أداة ضرورية في ظروف حرب غير متكافئة ضد تنظيمات إرهابية تختبئ وتتحرك بين المدنيين»، يضيف غازيبو، إلا أنه اشترط ضرورة أن تُرفَق تلك الضربات بضوابط تمنع الانزلاق إلى جرائم واسعة ضد المدنيين.
وحذر أستاذ علم السياسة النيجري من أن هذه العمليات قد تُعيد زعزعة الاستقرار السياسي إذا شعر السكان بأن الجيش يستهدفهم بالخطأ أو يتخذ قرارات انفرادية، مما يُغذي موجات احتجاج أو استياء شعبي، خصوصًا في المناطق المتأثرة.
إلا أنه «حال تمكن المجلس العسكري من إثبات كفاءته في الردع وعرض نتائج التحقيقات في الحوادث المدنية، فقد يعزز صورته كجهة قادرة على فرض الأمن في بيئة متفجرة»، يقول غازيبو.
بدورها، قالت فيريجينيا بوديه الباحثة في مجال سياسات القوات المسلحة ومكافحة الإرهاب ضمن برنامج Sahel-West Africa لـ«العين الإخبارية»، إن الأثر السياسي لهذه الضربات قد يكون عاملاً مصيرياً في مدى قبول السكان له، أو رفضه، وقد يستغل من قِبل المعارضة أو الفاعلين الخارجيين لتصعيد النزاع السياسي.
وأضافت أنه «إذا تكررت الضربات التي تسقط ضحايا مدنيين من دون مساءلة شفافة، فإن ذلك قد ينبئ بعودة احتجاجات شعبية أو استياء متجذّر ضد السلطة العسكرية، قد يقوض سلطة المجلس بمرور الوقت».
ذلك يعني أنه إذا نجحت الضربات في إضعاف التنظيمات الإرهابية ومناطق نفوذها، فقد تحصد الحكومة العسكرية مكاسب تعزيز الأمن الداخلي، مما يزيد من قدرة الإجماع المحلي حول ضرورة الاستقرار، لكن العكس صحيح: أي أن سوء إدارة للملف المدني قد يؤدي إلى عزلة داخلية وخارجية وربما ضغوط دولية واقتصادية، تقول بوديه.
مخاطر سياسية
وأشادت بخطوة المجلس العسكري حال مرافقة تنفيذها وكالة قانونية ومحاسبة، إلا أنها قالت إنها تحمل خطراً سياسياً كبيرًا على مستوى الشرعية الشعبية واستمرارية الحكم في النيجر.
ويوم الإثنين، استهدفت الضربات الجوية مواقع متحركة يستخدمها إرهابيون يركبون دراجات نارية، بحسب أحد سكان قرية إنجار في إقليم فيلينغي، الواقعة على بعد نحو 200 كم شمال-شرق العاصمة نيامي.
وقال التلفزيون الرسمي(إر.تي.إن) إن هذه الأحداث «أدت إلى ضحايا وجريحين، دون أن يُعلن عن حصيلة دقيقة».
ووجه الجنرال عبد الرحمن تياني، زعيم النظام العسكري، يوم الخميس، العقيد ماينا بوكار، حاكم منطقة تيلابِري (غرب) لتقديم التعازي والتعبير عن التعاطف مع السكان. وظهر الحاكم في لقطات تلفزيونية وهو يزور المصابين ويُشاطر الحزن مع الأهالي.
وقال بوكار أمام أهل القرية: «لدينا معلومات عن موقع العدو، وربما يكون العدو قد غادر الموقع وقد يمرّ عليه الناس بدراجات — من الصعب التمييز». وطالب السكان بـ«احترام حظر استخدام الدراجات في حالة الطوارئ» التي أعلنها منذ عام 2017، والتي تمنح الجيش صلاحيات استثنائية لمحاربة الجماعات الإرهابية.
وتقع إنجار في بلدية كورفي ضمن دائرة فيلينغي، في منطقة تيلابري التي تحدها بوركينا فاسو ومالي، وهي معروفة بكونها بؤرة نشاط للجماعات الإرهابية، لاسيما تنظيم «داعش» الإرهابي في الساحل (EIS).
وعلى مدى سنوات، أعرب سكان فيلينغي عن قلقهم من هجمات الجماعات المسلحة المتنقلة على متن دراجات. ففي يناير/كانون الثاني 2024، قُتل عدد من المدنيين أيضاً في ضربات جوية استهدفت أعمدة من المُسلحين الإرهابيين قرب الحدود مع بوركينا فاسو.
كما تواجه النيجر في جنوبها الشرقي جماعات مثل بوكو حرام وفصيلها التابع داعش في غرب أفريقيا (ISWAP).