اخبار الإقليم والعالم

حكومة فرنسا وحسابات التحالفات.. بين شروط اليمين وضغط اليسار

وكالة أنباء حضرموت

مفاوضات مع «الجمهوريين» بفرنسا تعكس لحظة مفصلية يحاول من خلالها رئيس الوزراء الجديد تجاوز انقسامات حادة بين شروط اليمين وضغط اليسار.

ويخوض سيبستيان لوكورنو مفاوضات شاقة سعيا لعقد تحالف واسع يضمن صمود حكومته المستقبلية أمام الانقسامات الحادة التي تشهدها الجمعية الوطنية.

ويعتبر خبراء سياسيون فرنسيون أن المفاوضات الجارية بين لوكورنو وحزب "الجمهوريين" (يمين) تعكس لحظة مفصلية في السياسة الفرنسية، خصوصا أن هذا الحزب يضع شروطاً واضحة للمشاركة في التشكيلة الحكومية.

وأبرز تلك الشروط رفض التراجع عن إصلاح نظام التقاعد ورفض "ضريبة زوكمان" المقترحة على الثروات الكبرى.

شروط صارمة
أعلن رئيس "الجمهوريين" برونو ريتايو في تجمع حزبي أن دخول حزبه للحكومة مرهون بمبدأين: "المصلحة العليا للأمة" و"التمسك بالقناعات"، مؤكداً أن حزبه لن يقبل ببرنامج حكومي يرضي اليسار أو يوسع سياسات "المساعدات" والهجرة.

كما شدد على رفض فرض "ضريبة زوكمان" التي تقترح فرض حد أدنى ضريبي بنسبة 2% على الثروات التي تتجاوز 100 مليون يورو.

بدورها، قالت السيناتورة دومينيك إستروزي-ساسون إن حزبها عرض على رئيس الوزراء "اتفاق حكومة"، يقوم على إصلاحات مالية وتشديد سياسات الهجرة.

وشددت إستروزي-ساسون على أن "الفكرة ليست دخول الحكومة بأي ثمن"، في إشارة إلى أن الجمهوريين يسعون لفرض أجندتهم مقابل أي مشاركة وزارية، بحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية.

رفض وضغط
في الوقت الذي يطالب فيه اليسار بإدراج ضريبة زوكمان في الموازنة الجديدة، ويضغط من أجل سياسات اجتماعية موسعة، يقف الجمهوريون على الضفة الأخرى رافضين أي تراجع عن إصلاح التقاعد الذي أقر سابقاً.

وفي تصريحات إعلامية، أوضح المتحدث باسم الحزب جوناس حداد أن هدف الجمهوريين "ليس الحصول على مناصب، بل كسر حالة الجمود السياسي ومحاولة التأثير بما يتماشى مع أولويات غالبية الفرنسيين".

وفي تعقيبها على الموضوع، ترى فرِديريك ماتونتي، أستاذة التاريخ الفكري السياسي في جامعة باريس 1 بانثيون-سوربون، أن هذه المفاوضات تعكس عمق الأزمة البنيوية للنظام السياسي الفرنسي".

وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، تقول ماتونتي المتخصصة في الأحزاب السياسية، إن "الجمهوريين يدركون أن مشاركتهم في الحكومة قد تعني فقدان هويتهم كقوة معارضة مستقلة".

وتتابع: "ولذلك يبالغون في طرح شروط صارمة مثل رفض ضريبة زوكمان والتشدد في ملف الهجرة"، لافتة إلى أنه في النهاية، هذا التكتيك يهدف إلى رفع سقف التفاوض والحصول على ضمانات سياسية واقتصادية واضحة".

وبحسب الخبيرة، فإن "المشكلة تكمن في أن هذه الشروط تجعل أي توافق مع اليسار شبه مستحيل، مما يزيد من هشاشة التوازن الحكومي الذي يسعى لوكورنو لتحقيقه".

«اختبار سياسي»
من جانبه، يعتبر لوران بوفيه، أستاذ العلوم السياسية في جامعة فرساي سان-كونتان، أن الصراع حول ضريبة زوكمان ليس مجرد خلاف اقتصادي بل اختبار سياسي لمستقبل اليمين الفرنسي.

ويوضح بوفيه المتخصص في دراسة الأحزاب السياسية الفرنسية، لـ"العين الإخبارية"، أن "رفض الجمهوريين لهذه الضريبة لا يرتبط فقط بالمخاوف الاقتصادية مثل هروب أصحاب رؤوس الأموال أو تراجع الاستثمار، بل أيضاً برغبتهم في الحفاظ على قاعدة انتخابية محافظة ترى في سياسات إعادة التوزيع تهديداً مباشراً لمصالحها".

وأضاف بوفيه أن لوكورنو يحتاج بشدة إلى هذا التوافق مع الجمهوريين لتمرير الموازنة ومواجهة التحديات الاقتصادية، مشيرأً إلى أن النقاش الدائر اليوم يتجاوز الموازنة إلى سؤال أوسع: هل يمكن بناء تحالف حكومي يميني-وسطي قادر على الصمود أمام ضغوط اليسار وصعود أقصى اليمين؟".

واعتبر بوفيه أنه بين ضغوط اليسار المتصاعدة ورفض الجمهوريين التنازل عن ثوابتهم، يجد رئيس الوزراء لوكورنو نفسه أمام مهمة شديدة التعقيد.

وبالنسبة له، فإن "المعادلة الحالية تُظهر أن أي خطوة غير محسوبة قد تفقد حكومته الدعم البرلماني اللازم، وتفتح الباب أمام مزيد من الاستقطاب السياسي الذي تستغله أطراف راديكالية مثل التجمع الوطني من أقصى اليمين وفرنسا الأبية (يسار راديكالي)".

ووفقاً للباحث السياسي الفرنسي، يبدو أن مستقبل الحكومة الجديدة سيتحدد ليس فقط من خلال خياراتها الاقتصادية، بل أيضاً من خلال قدرتها على التوفيق بين أطراف سياسية متناقضة في رؤيتها لمستقبل فرنسا.

ثروته تتجاوز 300 مليون جنيه.. التحفظ على أموال «مستريح البيض والمزارع» في مصر


الأسواق تترقب.. الفيدرالي الأمريكي يستعد لأول خفض للفائدة في 2025


«بي-52» فوق أوروبا.. اختبار أمريكي للتنسيق مع الناتو


«أكسل» الأمريكية.. بوصلة رواد الأعمال وشريك موثوق للشركات الناشئة