اخبار الإقليم والعالم
مقاضاة «حزب الله».. نواب لبنانيون يكشفون لـ«العين الإخبارية» الموعد والتداعيات
تحرك سياسي وقضائي في لبنان لمقاضاة «حزب الله» في خطوة تمهد لتشكيل جبهة سياسية وطنية واسعة لـ«إسقاط هيمنته على الدولة اللبنانية» ووضع حد لتهديداته.
ووفقًا لما كشفه نواب لبنانيون بارزون لـ«العين الإخبارية»، فإن مجموعة من النواب والشخصيات سياسية التقدّم بشكوى أمام النيابة العامة التمييزية ضد الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، خلال الأسبوع المقبل، بعد تصريحات وُصفت بأنها تهديد مباشر للدولة اللبنانية وتعريض للسلم الأهلي للخطر.
وكشف النواب لـ«العين الإخبارية» أن «الشكوى ستُرفع بمشاركة ما بين 5 و10 نواب، وتشمل كل من يظهره التحقيق شريكاً في التحريض على الدولة».
وجاء هذا التحرك في أعقاب تصريحات لـ«قاسم» مؤخرًا، حملت تهديدًا مباشرًا للدولة اللبنانية وتعريضًا للسلم الأهلي للخطر. جاءت هذه التصريحات ردًا من الحزب على قرار مجلس الوزراء في 7 أغسطس/آب الحالي، بحصر السلاح بيد الدولة، وتكليف الجيش بوضع خطة لإتمام ذلك خلال الشهر الحالي وتنفيذها قبل نهاية عام 2025.
ففي بيان سابق، حذر الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، الحكومة من مواجهة الحزب، قائلًا: «لا حياة للبنان إذا كنتم ستقفون في المقلب الآخر، وتحاولون مواجهتنا والقضاء علينا. لا يمكن أن يُبنى لبنان إلا بكل مقوماته». وتابع: «لن تسلّم المقاومة سلاحها والعدوان مستمر والاحتلال قائم، وسنخوضها معركة كربلائية إذا لزم الأمر في مواجهة هذا المشروع الإسرائيلي–الأمريكي».
خطر كبير
وفي تحرك لافت، كشف النائب أشرف ريفي، وزير العدل اللبناني الأسبق، في حديث خاص لـ«العين الإخبارية»، عن التقدّم خلال الأسبوع المقبل بشكوى أمام النيابة العامة التمييزية ضد الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، وكل من يظهره التحقيق شريكًا أو محرضًا ضد الدولة اللبنانية، على أن تحمل الشكوى توقيعات ما بين 5–10 نواب.
خطوة أرجعها ريفي إلى تهديد حزب الله بتعريض لبنان لحرب أهلية والتحريض على الدولة والسلم الأهلي، مشيرًا إلى أن «الصمت إزاء ما يقترفه الأمين العام لحزب الله، يعرّض حياة اللبنانيين لخطر كبير، ويستبيح حريتهم».
وحول أهمية الشكوى المقدمة ضد زعيم حزب الله وتأثيرها، قال وزير العدل اللبناني السابق إن «التحرك القضائي يحمل جدوى سياسية ومعنوية كبيرة في الوقت الحالي، إضافة إلى الجدوى القانونية في وقت لاحق»، متابعًا: «نؤكد على ضرورة محاسبة الأمين العام لحزب الله وكل من يثير أي فتنة».
تحذير لحزب الله: عودوا للدولة
وعُقد اجتماع في مكتب النائب أشرف ريفي أمس، شارك فيه – إضافة إلى ريفي – النواب جورج عقيص، وكميل شمعون، وإيلي خوري، والنائب السابق إيدي أبي اللمع، والمحامي إيلي محفوض، والدكتور عبد المجيد عواض. ناقشوا خلاله تصريحات قاسم الأخيرة، التي – وفق بيان المجتمعين – «لامست حدود تعريض لبنان لحرب أهلية وإثارة النعرات الطائفية»، على حد وصفهم.
وعقب الاجتماع، أعلن هؤلاء النواب وشخصيات سياسية في لبنان عزمهم التقدّم بشكوى أمام النيابة العامة التمييزية ضد الأمين العام لحزب الله.
وقال ريفي في بيان سابق له إن «حزب الشيخ نعيم قاسم أورَث لبنان الاحتلال والكارثة الإنسانية والاقتصادية، وهو اليوم بعد الهزيمة يهدد الدولة واللبنانيين». ووجه حديثه لحزب الله قائلًا: «كفى هروبًا إلى الأمام، وعودوا إلى الوطن والدولة». مردفًا: «نحذّركم من تكرار التهديد بالحرب الأهلية، إنها كارثة كبيرة على الجميع، وخاصة عليكم بعد أن عادَيتم وأدمَيتم كل المكونات اللبنانية».
تفكيك جبهة حزب الله
الشكوى المقدمة ضد قاسم سرعان ما تجاوبت معها قوى سياسية لبنانية. وأعلن النائب عن حزب القوات اللبنانية، فادي كرم، تضامن نواب الحزب مع التحرك القضائي ضد حزب الله، معربًا في حديث خاص لـ«العين الإخبارية» عن أمله في وضع حد لتهديدات حزب الله، وحسم الحكومة والقضاء اللبناني مسألة حصر السلاح بيد الدولة.
وأكد كرم على «وحدة الجبهة السياسية الداخلية ضد حزب الله، فيما تتفكك جبهة الحزب».
كما أكد النائب المستقل، بلال الحشيمي، في حديث لـ«العين الإخبارية» أن الدعوى القضائية ضد الأمين العام للحزب مسار قانوني مشروع، مضيفًا: «سأدرس إمكانية الانضمام وفقًا للمصلحة الوطنية ولما ينسجم مع الخط السيادي».
وأوضح: «إن أي خطاب يهدد اللبنانيين ويعرّض السلم الأهلي للخطر هو مرفوض بشكل قاطع، وأنا مع كل خطوة تعزّز سيادة الدولة والقانون وتحمي الناس».
ماذا عن تأثير الشكوى القضائية؟
«الشكوى ليست رمزية فقط، بل اختبار جدّي لهيبة القضاء في مواجهة من يضع نفسه فوق الدستور والقانون». هذا ما علّق به المحلل السياسي اللبناني طارق أبو زينب، في تأكيد على أن الشكوى تحمل أثرًا وجدوى قانونية كبيرة.
وقال طارق أبو زينب في حديث لـ«العين الإخبارية»: «نحن نؤمن بالقضاء اللبناني العادل، وهذه فرصة تاريخية ليقول القضاء كلمته. فإذا لم يتحرّك القضاء أمام تهديد علني بحرب أهلية، فمتى سيتحرّك؟».
وفي رده على إمكانية تشكيل جبهة سياسية واسعة في ضوء التحرك القضائي لعدد من النواب، قال: «إذا انضم نواب وقوى أخرى، فنحن أمام ملامح جبهة وطنية هدفها الواضح إسقاط هيمنة حزب الله على الدولة». معتبرًا أن «أي خطوة لكسر جدار الخوف الذي بناه حزب الله تستحق الدعم، والشكوى ليست مواجهة قضائية، بل بداية مسار سياسي لمواجهة مشروع الحزب».
«معركة كربلائية».. تحول خطير جدًا
وبسؤاله عن جدية تهديد حزب الله بحرب أهلية، وهل هو واقعي أم مجرد مناورة لتخويف اللبنانيين؟ أجاب المحلل السياسي اللبناني: «هذا مجرد تهويل، لأن الحزب يعرف جيدًا أن أي حرب أهلية هي بمثابة إعدام له، وستجرّ عليه ضغطًا داخليًا وخارجيًا». مفسرًا الأمر بقوله: «حزب الله يلوّح بالفوضى كلما شعر أن مشروع نزع سلاحه يقترب».
وأردف: «التلويح بحرب أهلية مناورة مكشوفة، فإما القبول بهيمنته، أو تهديد بتدمير البلد. وهذا منطق العصابات لا منطق الأحزاب».
وحول دلالة تلويح الأمين العام لحزب الله بـ«معركة كربلائية»، قال أبو زينب: «إن استخدام هذا المصطلح خطير جدًا، لأنه ينقل الصراع من سياسي إلى صراع عقائدي دموي، ويضع لبنان رهينة لرواية دينية يستعملها الحزب لتبرير سلاحه».
أما تهديده بـ«حرب أهلية»، وفقًا لأبو زينب، فهو إشارة واضحة إلى أن الحزب لا يرى نفسه جزءًا من الدولة، بل دولة داخل الدولة، يفرض شروطه إما بالقوة أو بالدم.
وعن اختيار قاسم توقيت تصريحاته، أوضح: «الحزب يشعر أن الساحة ضاقت، فهناك تصاعد محلي ودولي للمطالبة بحصر السلاح بيد الدولة، والحزب يقرأ جيدًا هذه التحولات، فجاء التصعيد كرسالة ردع صاخبة. فالأمر ليس خطابًا سياسيًا، بل تهديدًا مباشرًا بجرّ لبنان إلى الانهيار الكامل إذا فُتح ملف السلاح».
ومع تصاعد الهجوم ضد حزب الله، حاول بعض نواب حركة أمل – برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري (حليف حزب الله) – التخفيف من وطأة تصريحات قاسم، وقال عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم: «كلام قاسم سياسي، يمكن وضعه في إطار التحذير من أي خطوة قد تستكملها الحكومة لمواجهة نزع السلاح بالقوة».