ثقافة وفنون

حكايات الأرض الجريحة.. فيلم عن الحرب في لبنان يفوز بجائزة في لوكارنو

وكالة أنباء حضرموت

اختتمت فعاليات مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي بدورته الثامنة والسبعين، إثر أحد عشر يوما من العروض والفعاليات التي حوّلت مدينة لوكارنو السويسرية إلى مركز عالمي للسينما.

ولم تخل هذه الدورة من بصمة عربية واضحة، من خلال مشاركات من فلسطين ولبنان والعراق وتونس، موزعة على أقسام ومسابقات متعددة ضمن برنامج المهرجان. وكانت جائزة أفضل إخراج للمخرج العراقي عباس فاضل، عن فيلمه الوثائقي “حكايات الأرض الجريحة”.

تم تصوير الفيلم أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان، وبالتحديد في الجنوب، حيث وثّق لحظة بلحظة الدمار، من الانهيارات المادية إلى الخسائر الإنسانية، فيما واصل صُنّاعه التصوير ضمن بيئتهم، حتى أثناء التشييع الحاشد لعناصر من “حزب الله” قضوا في مواجهات فبراير من العام ذاته.

دورة مهرجان لوكارنوهذا العام شارك فيها أكثر من 224 فيلما، بينها 101 عرض عالمي أول، وما يقارب 300 عرض ضمن أقسامه المختلفة

ورغم طابعه الحربي وتوثيقه للدمار، لا يركّز الفيلم على الحرب كحدث فقط، بل على ما يولد من رحمها مثل إيمان الإنسان بالأمل واستمراريته. وخلال الفيلم الذي يمتد لساعتين تقريبا، نرى تفاصيل الحياة اليومية المنهارة والمصرة على الاستمرار، صمود المدنيين الذين يصارعون الألم من أجل إعادة الإعمار، ورؤية الطفلة الصغيرة، التي يصورها والدها خلال الفيلم، كرمز لتجدد الحياة وسط الخراب. هذا التناقض بين الهدم والمقاومة منح الفيلم عمقا إنسانيا وفلسفيا وجعله يحظى بإشادات النقاد.

الفيلم من إنتاج اللبنانية نور بلوق، زوجة المخرج وشريكته في التجربة الفنية، وهو يعدُّ تتويجا لثلاثيتهما الوثائقية التي بدآها بـ”حكايات البيت البنفسجي” عام 2022، ثم “حكايات الأرض الجريحة”، ويختتمان بها هذا المسار بصراع الإنسان وتداعيات الحرب على لبنان.

وعباس فاضل هو مخرج وكاتب عراقي يحمل الجنسية الفرنسية، يُعدّ من أبرز الأصوات السينمائية العربية في مجال الفيلم الوثائقي والروائي المعاصر. وُلد في العراق وانتقل إلى فرنسا في سن مبكرة، حيث درس السينما في جامعة السوربون، وتعلّم على يد المخرج الفرنسي الشهير إريك رومير، ما ساهم في تشكيل خلفيته السينمائية الغنية التي تمزج بين الشرق والغرب، وبين الواقعي والفلسفي.

ويمتاز المخرج باهتمامه بالقضايا الإنسانية العميقة، حيث تميل أفلامه إلى التأمل في تفاصيل الحياة اليومية وتوثيق لحظات التحوّل التاريخي من منظور شخصي. كثيرا ما يستخدم الكاميرا كوسيلة للتوثيق المباشر، فيدمج بين السرد الذاتي والطرح السياسي، كما يظهر في أفلامه مثل “العودة إلى العراق” و”الوطن المفقود”. وتوثق أغلب أعماله لحظات الانهيار والصراع، لكنها في الوقت نفسه تبحث عن جذور الأمل والهوية وسط الفوضى.

من أبرز ما قدمه فاضل ثلاثية “حكايات” التي تضم “حكايات البيت البنفسجي” و”حكايات الأرض الجريحة”، حيث يصوّر في الأخيرة مشاهد الحرب في جنوب لبنان من قلب الحدث. تُعرض أفلامه في مهرجانات دولية مرموقة مثل مهرجان لوكارنو، وتحظى بإشادة نقدية واسعة نظرًا لقدرتها على التقاط الواقع بمصداقية وشاعرية في آن معا.

جائزة لجنة التحكيم الخاصة مُنحت لفيلم "الحلزون الأبيض" للمخرجين إلسا كريمسر وليفين بيتر (النمسا/ ألمانيا)

وتميزت هذه الدورة من مهرجان لوكارنو السينمائي بحضور جماهيري كثيف، فيما شهد حفل الختام فوز الفيلم الياباني “تابي تو هيبي – موسمان غريبان” للمخرج شو مياكي بجائزة الفهد الذهبي، وهي أرفع جوائز المهرجان، في رابع فيلم ياباني ينال الجائزة الكبرى بتاريخ المهرجان، بعد “بوابة الجحيم” لتينوسوكي كينوجاسا (1954)، و”هذه الحياة العابرة” لأكيو جيسوجي (1970)، و”الولادة الجديدة” لماساهيرو كوباياشي (2007).

ومُنحت جائزة لجنة التحكيم الخاصة لفيلم “الحلزون الأبيض” للمخرجين إلسا كريمسر وليفين بيتر (النمسا/ ألمانيا)، فيما ذهبت جوائز التمثيل مناصفة بالتساوي للممثلين مانويلا مارتيلي وآنا ماريا فيسيلتشيتش عن فيلم “لن يعيّن الله” للمخرجة هانا جوشيتش، إلى جانب ماريا إمبرو وميخائيل سينكوف عن أدوارهما في “الحلزون الأبيض”، وحصل فيلم “شعر، ورق، ماء” للمخرجين نيكولاس غراو وترونغ مينه كوي، على الفهد الذهبي في مسابقة سينما الحاضر.

يذكر أن دورة مهرجان لوكارنو التي انعقدت هذا العام من الخامس إلى الخامس عشر من أغسطس الجاري، شارك فيها أكثر من 224 فيلما، بينها 101 عرض عالمي أول، وما يقارب 300 عرض ضمن أقسامه المختلفة.

تنوّعت برمجة المهرجان بين التجريب السينمائي والدراما المستقلة والأفلام الكلاسيكية، كما كان هناك اهتمام خاص بالسينما السويسرية والدولية من خلال برنامج استعادي بعنوان “آمال عظيمة: السينما البريطانية بعد الحرب 1945 – 1960″، ما جعل المهرجان أشبه بجسر بين تاريخ الدول وحاضرها المعاصر.

وقال المدير الفني للمهرجان جيونا أ. نازارو في كلمته الختامية عن هذه النسخة من المهرجان “لقد كانت دورة ناجحة فاقت التوقعات، احتفت بقوة السينما كوسيلة تجمع المجتمعات وتمنحها لحظات من السلام والجمال. هذه الأفلام ليست مجرد إنتاج وقتي، بل منارات أمل للأجيال الشابة التي تحلم بأفلام الغد”.

 

إسرائيل تضرب عمق الحوثيين في صنعاء باستهداف منشأة طاقة حيوية


بدء كشف أسرار أكبر مقبرة جماعية لضحايا داعش شمالي العراق


اقتصاد بوليفيا.. أزمة تضخم خانقة تضعف ثقة الشارع


الشامي على كرسي التحكيم في «ذا فويس كيدز» لأول مرة