اخبار الإقليم والعالم
حزب الله يستنجد بوساطة قطر للالتفاف على الضغوط الأميركية
قالت مصادر سياسية لبنانية مطلعة إن حزب الله طلب عبر إيران تدخل قطر في شكل وساطة بشأن وضع جدول زمني لمعالجة موضوع سلاحه وإعطائه الوقت الكافي لمناقشة الملف داخليا وإقناع قادته ومقاتليه بهذا المسار بدلا من الخيار الحالي الذي تريد حكومة نواف سلام فرضه في وقت وجيز بضغوط من واشنطن.
وأشارت المصادر إلى أن الحزب يراهن على قدرة إيران في التأثير على قطر، التي انسحبت في الأشهر الأخيرة من الملف اللبناني وتركت الأمر بيد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يعتقد أن حزب الله سيخضع للضغوط ويقبل مضطرا بتفكيك سلاحه.
ورغم البرود في علاقة قطر بإدارة ترامب بسبب عجز الدوحة عن دفع حماس إلى إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، إلا أن حزب الله مقتنع بأن قطر قادرة على إقناع الأميركيين بتوسيع المهلة الممنوحة له زمنيا وعقد سلسلة من اللقاءات والمشاورات بشأن سلاحه، سواء مع أطراف حكومية لبنانية ومع مؤسسة الجيش، أو مع أطراف إقليمية وغربية يقدم لها ضمانات ووعودا بشأن سلاحه، ما يعطيه فرصة لشراء الوقت.
حزب الله مقتنع بأن قطر قادرة على إقناع الأميركيين بتوسيع المهلة الممنوحة له زمنيا وعقد سلسلة من اللقاءات والمشاورات بشأن سلاحه
ويدافع الحزب عن فكرة الوساطة القطرية باعتبارها سبيل لبنان لتجنب التوترات التي يمكن أن تنتج عن خطط نزع السلاح بالقوة، والتي على الأرجح ستقود إلى مواجهة بين الحزب والجيش لا شك أنها ستفرض تدخلا خارجيا أميركيا وإسرائيليا بسبب الفارق في القوة بين الحزب والقوات اللبنانية التي تفتقر للتدريب والتسليح الكافيين.
وما يعطي فرصة النجاح لوساطة قطر أنها تمتلك علاقة قوية مع الجهات الرسمية اللبنانية ويمكنها أن تقنع الحكومة بتمديد مهل تفكيك السلاح ومناقشة تأثيرات هذه الخطوة أمنيا وسياسيا قبل ذلك.
ويمكن للدوحة أن تتدخل لتأكيد الاستعداد لضخ الأموال الكافية لإعادة الإعمار، في وقت تربط فيه الولايات المتحدة والسعودية ضخ الأموال بإنهاء مهمة تفكيك سلاح حزب الله.
وفي فبراير الماضي، قال رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمّد بن عبدالرحمن آل ثاني عقب لقائه الرئيس اللبناني جوزيف عون في بيروت “على مستوى الدعم الاقتصادي ودعم إعادة الإعمار، لا شك أن دولة قطر ستكون حاضرة مثلما كانت حاضرة في كل مناسبة وفي كل حدث.”
وأضاف “نتطلع إن شاء الله إلى استمرار تشكيل الحكومة، وبعد ذلك سيتم بحث هذه الملفات ونحن نتطلع إن شاء الله إلى عقد شراكة إستراتيجية تقوم على المنفعة المشتركة للبلدين وللشعبين.”
ويحتاج لبنان إلى أموال من الخارج للمساعدة في تغطية الكلفة الضخمة لإعادة الإعمار بعد حرب العام الماضي بين إسرائيل وجماعة حزب الله، والتي دمرت فيها الضربات الجوية الإسرائيلية مساحات واسعة من البلاد.
ولقطر نفوذ أيضا على الجيش اللبناني ما قد يمكنها من تخفيف موقفه بشأن المهل الخاصة بنزع سلاح حزب الله. وتقدم الدوحة للجيش اللبناني منحا لتغطية معاليم شراء الوقود وصرف رواتب الموظفين.
وأكد الشيخ محمد بن عبدالرحمن خلال لقائه الرئيس اللبناني تعهد الدوحة بمواصلة تقديم الدعم الإنساني ودعم الجيش اللبناني. وقال أيضا “أكدنا مع فخامة الرئيس التزام دولة قطر بدعم القوات المسلحة اللبنانية، المؤسسة العسكرية التي تجمع كل اللبنانيين.”
ويراهن اللبنانيون على أن تتولى قطر إعادة إعمار ما تم تدميره في الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل، كما حصل في حروب سابقة، دون شروط مسبقة.
لكنّ مراقبين يرون أن إعادة إعمار مناطق نفوذ حزب الله ستكون بمثابة هدية من الدوحة للحزب وإيران تساعد على امتصاص الغضب الشعبي ضدهما، بما في ذلك داخل البيئة الشيعية الموالية لهما، ما يشجع الحزب على العودة إلى أجنداته السابقة طالما أن جهة ما على استعداد دائم لإعادة إعمار ما تسبب في دماره بحسابات حزبية وإيرانية لا علاقة لها بلبنان.
إعادة إعمار مناطق نفوذ حزب الله ستكون بمثابة هدية من الدوحة للحزب وإيران تساعد على امتصاص الغضب الشعبي ضدهما
ويشار إلى أن قطر شاركت في إعادة بناء 12 ألف وحدة سكنية في الجنوب اللبناني كانت إسرائيل قد دمرتها في يوليو عام 2006 خلال الحرب مع حزب الله.
وفي مايو الماضي، قالت قطر إنها ستزود لبنان بالغاز مجانًا عبر الأراضي السورية خلال الصيف على أن تمر عبر البنية التحتية السورية.
وفي فبراير 2022، أكد وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة، سعد بن شريدة الكعبي، خلال قمة الدول المصدّرة للغاز، التزام بلاده بدعم لبنان بإمدادات طاقة طويلة الأمد، مشيراً إلى أن قطر تنظر للبنان كأحد مفاتيح الاستقرار في شرق المتوسط.
ومن شأن وجود قطر في الصورة أن يخفف من حساسية القادة اللبنانيين تجاه التدخلات الخارجية في موضوع حزب الله خاصة بالنسبة إلى إيران التي تحرك الوساطة من وراء الستار، وفي نفس الوقت تعلن مواقف معارضة لتفكيك سلاح الحزب.
ودانت وزارة الخارجية اللبنانية السبت التدخل الإيراني “السافر وغير المقبول” في الشؤون الداخلية، وذلك تعليقا على تصريحات مستشار للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، أكد فيها معارضة طهران قرار الحكومة اللبنانية نزع سلاح حليفها حزب الله.
وشجبت الخارجية في بيان “التصريحات الأخيرة الصادرة عن السيد علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي تُشكل تدخلا سافرا وغير مقبول في الشؤون الداخلية اللبنانية.”
وقال ولايتي، أحد أبرز مستشاري آية الله علي خامنئي، في مقابلة مع وكالة “تسنيم” السبت، إن “الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعارض بالتأكيد نزع سلاح حزب الله، لأنها ساعدت على الدوام الشعب اللبناني والمقاومة، وما زالت تفعل ذلك.”