اخبار الإقليم والعالم
قرار إعادة احتلال غزة ينذر بتوتر العلاقات الأوروبية الإسرائيلية
عبرت دول أوروبية وتركيا عن قلقها من إقرار مجلس الأمن الوزاري الإسرائيلي خطة للسيطرة الكاملة على قطاع غزة، وسط توقعات بأن تتخذ تلك الدول إجراءات ضد إسرائيل، حيث أعلنت ألمانيا تعليق تصدير الأسلحة للدولة العبرية في أول رد فعل أوروبي بينما أعلن رئيس المجلس الأوروبي أنتونيو كوستا أنه سيكون لذلك القرار عواقب وخيمة على العلاقات الأوروبية الإسرائيلية، منددا بشدة بالإعلان الإسرائيلي.
وأضاف رئيس الهيئة التي تضم رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي، في منشور على منصة إكس "إن الوضع في غزة يظل مأسويا، وقرار الحكومة الإسرائيلية لن يؤدي إلا إلى مفاقمته".
وقال المستشار الألماني فريدريش ميرتس في بيان الجمعة إن فهم كيف يمكن لخطة الجيش الإسرائيلي المساعدة في تحقيق أهداف مشروعة في قطاع غزة هو أمر "يزداد صعوبة".
وأضاف ميرتس الذي بدأ رسميا إجازة الأربعاء "في ظل هذه الظروف، لن تسمح الحكومة الألمانية بأي صادرات للمعدات العسكرية التي يمكن أن تستخدم في قطاع غزة حتى إشعار آخر".
ومنذ بداية الحرب في غزة التي اندلعت في أكتوبر 2023 إثر هجوم لحركة حماس على الدولة العبرية وحتى مايو من العام نفسه سمحت برلين بتصدير أسلحة لا تقل قيمتها عن 485 مليون يورو إلى إسرائيل.
وتضمنت هذه الشحنات أسلحة نارية، وذخيرة، وقطع غيار، ومعدات خاصة للجيش والبحرية، ومعدات إلكترونية، ومركبات مدرعة خاصة بحسب رد حديث من الحكومة الألمانية على طلب برلماني.
وأكد ميرتس في بيانه الجمعة قلق الحكومة الألمانية "العميق" إزاء "استمرار معاناة المدنيين في قطاع غزة"، مضيفا "مع الهجوم المُخطط له، تتحمل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية أكبر" في مساعدة المدنيين في القطاع، مُجددا دعوته إلى إتاحة الوصول الكامل "لمنظمات الأمم المتحدة ومؤسسات غير حكومية أخرى".
وتابع "تحض الحكومة الألمانية الحكومة الإسرائيلية على عدم اتخاذ اجراءات جديدة نحو ضم الضفة الغربية".
ونظرا لمسؤوليتها التاريخية عن إبادة ستة ملايين يهودي خلال الحرب العالمية الثانية، كانت ألمانيا، إلى جانب الولايات المتحدة، من أكبر داعمي إسرائيل حتى الآن لذلك، وبخلاف فرنسا والمملكة المتحدة وكندا، لم تعد ألمانيا بالاعتراف بدولة فلسطينية في الأمم المتحدة في سبتمبر.
وخلال زيارة لإسرائيل الأسبوع الماضي، أكد وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول موقف برلين الراسخ بأن الاعتراف بدولة فلسطينية لا يمكن أن يأتي إلا بعد عملية تفاوض بين إسرائيل والفلسطينيين، لكنه أضاف أن هذه العملية "يجب أن تبدأ الآن".
كذلك عارضت برلين تعليق أو إنهاء اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، لكن مع تزايد معاناة الفلسطينيين في غزة وتحذير تقييم مدعوم من الأمم المتحدة من المجاعة، تزايدت الضغوط الداخلية على حكومة ميرتس.
وأظهر استطلاع رأي نشرته قناة "أي أر دي" العامة الخميس، أن 66 في المئة من الألمان ينتظرون من حكومتهم أن تمارس ضغطا أكبر على بنيامين نتانياهو لتغيير السياسة الإسرائيلية تجاه غزة.
ومؤخرا، أفادت الصحافة الألمانية بانقسامات داخل ائتلاف ميرتس المحافظ، حيث دعا بعض وزراء الحزب الاشتراكي الديموقراطي إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه الحكومة الإسرائيلية.
ورحب نائب المستشار الاشتراكي الديمقراطي لارس كلينغبيل وهو أيضا وزير المال الجمعة بهذا "القرار العادل"، قائلا "المعاناة الإنسانية في غزة لا تُطاق".
من جهته، وصف المجلس المركزي لليهود في ألمانيا قرار ميرتس بأنه "مخيب للآمال"، وقال إن الحكومة يجب أن "تصحح المسار" وتزيد الضغوط على حماس بدلا من ذلك.
وأدانت الجمعية الألمانية الإسرائيلية التي تُشجع على توثيق العلاقات بين البلدين، خطوة ميرتس، وأشارت إلى صفقة أبرمتها ألمانيا مع اسرائيل لشراء الدرع الصاروخية الاسرائيلية "حيتس-3" (Arrow-3) مقابل مبلغ يُقدر بنحو 3,5 مليارات دولار.
وقالت الجمعية إن "مستقبل الدفاع الجوي الألماني يبدو قاتما" إذ يمكن أن ترد إسرائيل من خلال عرقلة تسليم الأسلحة إلى ألمانيا.
وقالت وزارة الخارجية التركية الجمعة إن أنقرة تندد بأشد العبارات بقرار إسرائيل السيطرة على مدينة غزة ودعت المجتمع الدولي ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للتحرك لمنع تنفيذ تلك الخطة.
وأضافت الوزارة أن على إسرائيل أن توقف فورا خططها الحربية وتوافق على وقف إطلاق النار في غزة وتبدأ مفاوضات حل الدولتين. وذكرت أن كل خطوة تتخذها الحكومة الإسرائيلية لمواصلة ما وصفته تركيا بالإبادة الجماعية واحتلال الأراضي الفلسطينية توجه ضربة قوية للأمن العالمي.
ووصف زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد قرار مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي بالاستيلاء على مدينة غزة بـ"الكارثة" التي "ستؤدي بدورها إلى المزيد من الكوارث".
وقال لابيد في منشور على حسابه بمنصة "إكس" للتواصل الاجتماعي اليوم الجمعة إن الاستيلاء المخطط على أكبر مدينة في قطاع غزة سيؤدي إلى مقتل الرهائن وكذلك مقتل العديد من الجنود الإسرائيليين، موضحا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد دفعه شركاؤه في الائتلاف اليميني المتطرف إيتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، على الرغم من اعتراضات القيادة العسكرية.
و بن غفير وسموتريتش، الوزيران اليمينيان المتطرفان، من دعاة فكرة الاستيلاء الكامل على قطاع غزة وطرد حوالي 2 مليون فلسطيني يعيشون هناك.