اخبار الإقليم والعالم

تراوري وديكو.. شرعية الدولة تواجه «الإرهاب المقنع» في بوركينا فاسو

وكالة أنباء حضرموت

في قلب منطقة الساحل، حيث تمتزج الجغرافيا الوعرة بالتحديات الأمنية المعقدة،

تبرز معركة محتدمة داخل بوركينا فاسو، ليس فقط على الأرض، بل أيضًا في معركة الرموز والمعاني.

فبين الرئيس الانتقالي إبراهيم تراوري، القائد العسكري الشاب الذي جاء إلى السلطة لإنقاذ بلاده من براثن الفوضى، وجعفر ديكو، زعيم جماعة إرهابية تتخفى خلف خطاب ديني متشدد، تجري معركة وجود حقيقية بين مشروع دولة ذات سيادة، ومشروع فوضى عابرة للحدود.

مقتل عشرات الجنود والمدنيين في هجومين إرهابيين ببوركينا فاسو
جعفر ديكو، الذي ينتمي لعائلة معروفة بخطابها المتطرف، ويحمل إرثًا من العنف تحت اسم "كتبية أنصار الإسلام"، يحاول اليوم إعادة تقديم نفسه كبديل سياسي ـ ديني للنظام العسكري القائم. لكن خطابه الأخير، الذي نشر في 8 أبريل/نيسان الماضي وهو ملثم الوجه، يكشف أكثر مما يخفي.

فقد دعا صراحة إلى "إسقاط القادة الطغاة"، في إشارة مباشرة إلى الرئيس تراوري، متوعدًا باستبدالهم بـ"سلطة مستمدة من الأمة المسلمة"، وهي عبارة فضفاضة استخدمها التنظيمات الإرهابية مرارًا لتبرير تدمير الدولة وتمزيق نسيجها الوطني، بحسب مجلة "جون أفريك" الفرنسية.

عائلة ضد عائلة
اللافت في هذا الصراع هو البعد العائلي الذي بدأ يأخذ طابعًا علنيًا.. فديكو وتراوري لا يعتمدان فقط على صفوف المجندين أو القيادات العسكرية، بل لكل منهما شبكة دعم داخل أسرته، ما أعطى للمواجهة طابعًا شخصيًا يحمل أبعادًا تتجاوز السياسة إلى رمزية الولاء والشرعية.

ومع أن جعفر ديكو يزعم تمثيله "للمظلومين"، إلا أن سجل جماعته في شمال بوركينا فاسو، خاصة في منطقة سوم، مليء بالهجمات على المدنيين، وفرض الإتاوات، وتجنيد الأطفال.

في المقابل، قاد تراوري منذ توليه السلطة حملة ميدانية شاملة لتحرير المناطق التي تسيطر عليها الجماعات الإرهابية، مستعينًا بالقوات المسلحة الوطنية ومتطوعي الدفاع عن الوطن، بالإضافة إلى دعم حاسم من الحلفاء الإقليميين، وعلى رأسهم المجلس العسكري في مالي، الذي يشاطر بوركينا فاسو الرؤية نفسها في رفض التدخل الأجنبي، ومحاربة الإرهاب وفق أجندة وطنية صافية.

الجماعات الإرهابية تتحدى الدولة
في هذا السياق، قال الباحث السياسي الدكتور بكاري سامبي، معهد تمبكتو للبحوث والاستشراف، داكار لـ"العين الإخبارية" إن "خطاب جعفر ديكو هو نموذج عن التحول المعاصر للإرهاب إلى مشروع سياسي بديل، يعتمد على الازدواجية الدينية والمناطقية لخداع المتطلعين للعدالة".

ودعا سامبي إلى اعتبار ديكو ليس مجرد قائد إرهابي، بل جزء من شبكة تحاول تقديم نفسها كبديل "نظيف" للسلطة الوطنية، مسخّرة بذلك الغضب الشعبي لتمرير مشروع يضرب شرعية الدولة الوطنية.

واعتبر سامبي أن المواجهة مع تراوري ليست مجرد معركتي ميزان قوة، بل "صراع أساسي بين مشروع دولة ومشروع تفتيت يُقدّم نفسه باسم الدين والوطنية".

خطاب تراوري رؤية سياسية شرعية
وقال سامبي إن التوجه السياسي لإبراهيم تراوري، رغم كونه منبثقًا من سلطة عسكرية، يتمتع بشرعية مدنية ضمنية لا يُستهان بها، خاصة أنه يقدّم نفسه كـ "رجل الثورة الشعبية التقدمية" ويرتكز على فكرة استقلالية الدولة ومقاومة النفوذ الغربي.

واعتبر أن تراوري يسعى لتعزيز سيادة الدولة من خلال سياسات تمصير الاقتصاد، وتجنيد المتطوعين للدفاع الوطني، والاعتماد على الدعم الإقليمي، وغير ذلك، بما يعكس بوضوح مدى اختلال نموذج الجماعات الإرهابية المنافسة التي لا تقدّم بدائل حقيقية للبنية الأساسية أو الدستور.

توصية سياسية واضحة للمستقبل
ودعا سامبي صناع القرار في بوركينا فاسو إلى استثمار اللحظة الحالية في بوركينا فاسو والمجلس العسكري في مالي كفرصة لتعزيز التحالفات الإقليمية في مواجهة التهديد الإرهابي، مشيراً إلى أن نجاح هذه التجربة يعتمد بشكل كبير على حضور مؤسسات الدولة في المناطق المحرّرة وفاعلية سياساتها.

كما رأى أن الانقطاع عن الدعم الغربي أو الهيمنة الأجنبية يجب أن يصاحبه تعزيز بناء القدرة الوطنية وليس فقط رمزيًا، بل عبر برامج ملموسة تنبذ الفوضى وتدعم التنمية والبنية التحتية والتوظيف والمدنية.

واعتبر أن "هذا هو السبيل الوحيد لنسف رواية من يريد أن يفرض دولة نازية أو مخربة باسم الدين".

دور مالي 
منذ وصول قادة عسكريين إلى السلطة في مالي وبوركينا فاسو، اختارت الدولتان نهجًا جديدًا يقوم على استعادة السيادة، وقطع التبعية القديمة، ومواجهة الإرهاب دون وساطات غربية مشروطة.

وفي هذا السياق، كان للمجلس العسكري المالي بقيادة العقيد أسيمي غويتا دورًا حاسمًا في تعزيز التعاون الأمني مع بوركينا فاسو، وتقديم نموذج للصلابة في مواجهة التنظيمات الإرهابية التي تستهدف المنطقة.

وترى السلطات المالية أن ما يجري في بوركينا فاسو ليس صراعًا داخليًا فحسب، بل هو فصل من فصول المواجهة الكبرى بين مشروع الدولة في الساحل، ومخططات تفكيكها عبر وكلاء متشددين يتلقون الدعم عبر قنوات معقدة.

ومن هذا المنطلق، فإن دعم إبراهيم تراوري لا يأتي فقط من موقع التضامن الإقليمي، بل من وعي استراتيجي بأن سقوط أي من دول الساحل في قبضة الفوضى، سيهدد المنطقة برمتها.

بين الشعب والسلاح: لمن ستكون الكلمة الأخيرة؟
رغم الضجيج الإعلامي الذي تحاول بعض الجهات الإقليمية والدولية تضخيمه حول شعبية الجماعات المسلحة، تبقى الحقيقة أن الشعب البوركيني اختار دعم جيشه وقيادته في أكثر من مناسبة.

فالمسيرات المؤيدة لتراوري، والروح الوطنية التي بثها في نفوس الشباب، لا يمكن مقارنتها بخطابات إرهابية لا تجلب إلا العنف والموت.

في نهاية المطاف، فإن المعركة ليست فقط بين جعفر ديكو وإبراهيم تراوري، بل بين نموذجين للحكم: أحدهما قائم على المؤسسات والشرعية الوطنية، والآخر قائم على الدماء والخرافة.

وبين هذا وذاك، تبقى الحقيقة ثابتة: المجلس العسكري في مالي، وحلفاؤه في بوركينا فاسو والنيجر، هم خط دفاع لحق دولهم في تقرير مصيرها بعيدًا عن الإرهاب والتدخلات الأجنبية.

الإعلامي ياسر اليافعي يعلّق على اشتباكات تريم ويطالب بانتشار قوات النخبة الحضرمية


في افتتاحية دوري شهداء الملاح بردفان.. الحاظنة يكتسح المهرامة بسداسية نظيفة


لحج : تحديد تسعيرة رسمي للدواجن ودعوة للمواطنين للإبلاغ عن المخالفين


مدير مستشفى الصداقة يبحث مع هنديكاب توسيع خدمات مركز العلاج الطبيعي بالمستشفى