اخبار الإقليم والعالم
قانون حرية التعبير يواجه عاصفة انتقادات مع عرضه على مجلس النواب العراقي
تخشى الأوساط الصحافية والحقوقية في العراق من انعكاسات مشروع قانون “حرية التعبير” المعروض على جدول أعمال مجلس النواب، والمزمع التصويت عليه السبت المقبل، مع تحذيرات من أن يتحول إلى أداة لتكميم الأفواه من خلاله استغلاله لأهداف سياسية.
ويضع مشروع القانون ضوابط وشروطاً للتظاهر والاجتماعات الجماهيرية، ويحدّد عقوبات تصل إلى السجن عشر سنوات بحق من يطعن بالأديان والمذاهب والمعتقدات أو يحرّض على الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية أو الطائفية. كما يقضي بمنع التظاهرات خلال الفترة بين العاشرة مساء والسابعة صباحاً.
ويهدف المشروع إلى تنظيم التعبير عن حرية الرأي، الذي يصفه بـ”حرية المواطن في التعبير عن أفكاره وآرائه بالقول أو بالكتابة أو بالتصوير أو بأية وسيلة أخرى مناسبة بما لا يخل بالنظام العام أو الآداب العامة.”
وينصّ المشروع كذلك على حظر “الدعوة للنزاع المسلح أو التحريض على التطرف ودعم الأعمال الإرهابية أو بث الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية أو الطائفية،” إلى جانب حظر “الطعن في الأديان والمذاهب والطوائف والمعتقدات، والانتقاص من شأنها أو من معتنقيها.”
وقال الباحث والأكاديمي حسين الأسعد، إن “مشروع القانون بصيغته الحالية لا يعكس عنوانه، بل يحمل في طياته صياغات فضفاضة وعبارات مبهمة، قد تُستخدم مستقبلاً لتقييد حرية الرأي، واستهداف الأصوات المعارضة أو الناقدة.”
منتقدو القانون يرون أنه صياغاته فضفاضة وعباراته مبهمة، قد تُستخدم مستقبلاً لتقييد حرية الرأي، واستهداف الأصوات المنتقدة
وأشار الأسعد في تصريحات صحافية لموقع “بغداد الآن” المحلي إلى أن “بنود المشروع تتضمن مواد تُجرّم التعبير المشروع، مثل ما يُطلق عليه الإساءة أو مخالفة الآداب العامة، من دون وضع تعريف قانوني دقيق لتلك المفاهيم، مما يفتح الباب أمام التأويل المزاجي والانتهاك المحتمل للحقوق المكفولة دستوريًا.”
كما حذّر من أن إقرار المشروع بصيغته الراهنة “سيقوّض استقلالية الإعلام، ويمنح الجهات الرسمية صلاحيات واسعة للرقابة وفرض العقوبات، بما يتعارض مع مبدأ حرية الصحافة والإعلام الحر.”
وأبدت الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحافيين استغرابها من قيام مجلس النواب بعدم نشر نسخة مشروع القانون، رغم إدراجه على جدول أعمال جلسة السبت، معتبرة هذا الإجراء “مثيرًا للقلق ويفتقر للشفافية.”
وقال رئيس الجمعية إبراهيم السراج في بيان، إن “هناك أكثر من نسخة تم تداولها للمشروع، والجميع لا يعرف أي نسخة سيتم التصويت عليها،” مضيفًا أن “التصويت المفاجئ قبل الانتخابات المقررة في 11 نوفمبر المقبل يثير الشكوك حول نوايا تمرير القانون بعيدًا عن النقاش المجتمعي.”
ودعا السراج إلى “تأجيل التصويت ونشر النص النهائي فورًا، وفتح الباب أمام منظمات المجتمع المدني وخبراء القانون والصحافيين لإبداء الرأي والملاحظات قبل اعتماد القانون.”
معارضو القانون يدعون للنزول إلى الشوارع للاحتجاج على مشروع القانون
وسبق أن أثارت المسودات السابقة من القانون جدلاً منذ عام 2011، حيث تضمنت بنودًا تتيح للحكومة التدخل في حرية الإعلام والتجمعات السلمية بذريعة “النظام العام” أو “الآداب العامة”. وتنتقد المنظمات الحقوقية هذا التوجه، معتبرة أن غياب المحكمة الدستورية وضعف الرقابة القضائية، يسمح بسن قوانين تحدّ من الحريات تحت عناوين تنظيمية.
وتنص المادة 38 من الدستور العراقي على كفالة حرية التعبير والتظاهر، دون قيد أو شرط، وهو ما يجعل تمرير مثل هذا المشروع ـ بصيغته الحالية ـ انتهاكًا واضحًا للضمانات الدستورية، بحسب ما ترى منظمات مثل هيومن رايتس ووتش ومفوضية حقوق الإنسان العراقية في بيانات سابقة.
ويتضمن مشروع قانون التعبير عن حرية الرأي على عقوبات للمخالفين، من بينها السجن مدة لا تزيد على 10 سنوات لكل من “أذاع عمداً دعاية للحرب أو الأعمال الإرهابية أو الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية أو الطائفية”.
كذلك السجن لا يقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن مليون ولا تزيد على 10 ملايين دينار، لمن “اعتدى بإحدى الطرق العلنية على معتقد لإحدى الطوائف الدينية أو حقر شعائرها”، لكن لجنة حقوق الإنسان اقترحت حذف هذه المادة وتطبيق قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969.
ومنذ الإعلان عن وضع مشروع القانون على جدول أعمال مجلس النواب، توالت ردود الفعل من الصحافيين والمدونين والنشطاء معلنين عن مظاهرة رافضة لهذا القانون.
ودعا معارضو القانون للنزول إلى الشوارع للاحتجاج على مشروع القانون. وجاء في بيان، صدر ليل الخميس، تناقله عدد من الصحافيين والناشطين “ندعو كافة المواطنين، الصحافيين، والناشطين، وأصحاب الرأي، وممثلي منظمات المجتمع المدني، وكل الحريصين على الدستور وحقوق الإنسان، إلى المشاركة الفاعلة في التظاهرة الشعبية التي ستُقام يوم السبت بالقرب من الجسر المعلق في العاصمة بغداد”، للتأكيد على رفض “محاولات تمرير قانون حرية التعبير بصيغته الحالية من قبل مجلس النواب، لما يتضمنه من خرق واضح للدستور، وتهديد مباشر لحرية الرأي والتعبير، وتقييد لحقوق المواطنين المكفولة دستورياً”.
ويعتبر معارو القانون أن البلاد ليست بحاجة له، خصوصاً أن حرية التعبير هي حق دستوري كفله الدستور العراقي ضمن المادة 38، ولا توجد أي إشارة إلى أنه ينظم بقانون.