اخبار الإقليم والعالم

معضلة ما بعد الحرب.. كيف يضمن الغرب أمن أوكرانيا؟

وكالة أنباء حضرموت

باتت حرب أوكرانيا صراعا مستعصيا لا تجدي معه الحلول المباشرة، ومعضلته لا تكمن في راهنه بل تمتد للمستقبل القريب والبعيد أيضا.

ففي محاولات الوصول إلى تسوية سلمية في أوكرانيا، كانت إحدى نقاط الخلاف الرئيسية هي التباين الصارخ بين المخاوف الأمنية لموسكو وكييف بعد الحرب.

وتسعى أوكرانيا إلى الحصول على ضمانات قوية ضد أي عملية عسكرية روسية في المستقبل، ويمكن أن تكون الضمانات إما خارجية، وأبرزها الحماية التي توفرها المادة الخامسة من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أو استراتيجية مثل "القنفذ الفولاذي" التي تبني بموجبها أوكرانيا رادعًا محليًا قويًا بمساعدة الدول الغربية.

وكل الضمانات تندرج تحت ما يُعرف في نظرية العلاقات الدولية بـ"معضلة الأمن" أي أن التدابير التي اتخذتها أوكرانيا لتعزيز دفاعاتها بشكل كبير كجزء من إطار إنهاء الحرب ستُعتبر تهديدًا، وبالتالي غير مقبولة من جانب موسكو.

ولا يمكن حل هذه المشكلة بمجرد الإصرار على أن مخاوف موسكو لا أساس لها، خاصة في ظل انخفاض الثقة بين روسيا والغرب، وفقا لما ذكره موقع "ريسبونسيبل ستايت كرافت".

وتتمتع روسيا بنفوذ يمكنها من رفض أي تسوية تراها غير متوافقة مع مصالحها، بفضل قوتها الكامنة الهائلة، ومزاياها في ساحة المعركة على المدى الطويل، وهيمنتها على التصعيد.

ضمانات من نوع خاص

من جانبها، لا يمكن لأوكرانيا قبول تسوية تجعلها عرضة لهجوم روسي في المستقبل، وبالتالي فإن حل هذه المشكلة يتطلب ليس فقط وساطة خارجية مستمرة، بل تفكيرًا إبداعيًا في أنواع الضمانات التي يمكن تقديمها دون التسبب في دوامة تصعيد مع روسيا.

ويكمن الحل في مجموعة من مخزونات الأسلحة الغربية التي تخزنها الدول المضيفة خارج الأراضي الأوكرانية، وتُسلمها مؤقتًا للقوات المسلحة الأوكرانية في حال وقوع أي هجوم روسي مستقبلي.

وعلى سبيل المثال، يمكن أن تشمل هذه الأسلحة، بطاريات باتريوت، وأنظمة أتاكمز وصواريخ هيمارس وصواريخ ستورم شادو، ودبابات ليوبارد 2 وأبرامز، وطائرات إف-16 والتي سيتم الحصول عليها من أسلحة أمريكية تشتريها دول أوروبية، بالإضافة إلى مانحين أوروبيين.

ولتحفيز الاستثمارات، ستوافق الولايات المتحدة على خصم جزء من الإنفاق المخصص لهذه المخزونات من هدف الإنفاق الدفاعي البالغ 5% للدول الأعضاء في حلف الناتو.

وليس بالضرورة أن يكون المشترون دولًا مضيفة، فمثلا يمكن للسويد شراء صواريخ هيمارس الأمريكية المخصصة لمخزون الأسلحة الموجود في رومانيا.

وتشمل الدول المضيفة المحتملة الأخرى بولندا وألمانيا وجمهورية التشيك ودول البلطيق، حيث ستتولى هذه الدول إدارة مخزونات الأسلحة على أن تديرها لجنة خاصة داخل الاتحاد الأوروبي.

وسيتم تدريب عدد كافٍ من أفراد الخدمة الأوكرانيين، ليكونوا متاحين في جميع الأوقات لاستخدام هذه الأسلحة دون تدخل غربي مباشر.

وفي حال اندلاع الحرب مجددا سيكون هناك فترة تشاور قصيرة، وبعدها إذا استمرت الحرب سيتم فتح المخزونات الخارجية ونقل محتوياتها إلى الجيش الأوكراني الذي سيقوم باستئجار هذه الأسلحة ثم إعادتها إلى الدول المضيفة بعد انتهاء القتال.

وسيتم توزيع المخزونات في جميع أنحاء أوروبا لتقليل المخاطر على أي دولة مضيفة، وسيجري تزويد روسيا بمعلومات عامة عن أنواع الأسلحة في هذه المخزونات، لكن ليس بقوائم جرد كاملة.

كما سيتم إنشاء آليات تحقق مستقلة لضمان عدم تسرب أي من الأسلحة المخزنة إلى أوكرانيا في وقت السلم.

وكجزء من الاتفاق، ستُقر موسكو بأن أي هجوم أو عمل تخريبي ضد أي مخزون خارجي يضعها في حالة حرب مع الدولة المضيفة، ويندرج تمامًا تحت أحكام الدفاع الجماعي للمادة 5 من حلف الناتو.

وسيتم إعطاء الأولوية للدول الأقرب إلى أوكرانيا للاحتفاظ بمخزونات الأسلحة مما يُقلل فرص روسيا لإلحاق الضرر بأوكرانيا قبل وصول الإمدادات.

وستعيد أوكرانيا توجيه قواتها للتركيز على التحصينات والألغام وأسراب المسيرات وغيرها من الأدوات الدفاعية لصد التقدم الروسي لحين وصول المخزونات.

أسلوب تدريجي

منذ اندلاع الحرب في 2022، أعربت كييف دائما عن أسفها للأسلوب التدريجي الذي حصلت به على المساعدات الغربية لكن نموذج المخزونات الخارجية يضمن كتلة حرجة من الأسلحة شديدة التأثير جاهزة للتسليم الفوري مع توفر البنية التحتية والدعم اللازمين.

ويمكن ذلك أوكرانيا في أي صراع مستقبلي من امتلاك زمام المبادرة مما يُقلل من احتمالية اندلاع حرب استنزاف مطولة أخرى.

وبما أن هذه الأسلحة لن تُنشر داخل أوكرانيا، فإن الكميات التي يمكن تخصيصها للمخزونات الخارجية أعلى بكثير مما ستقبله روسيا كجزء من اتفاقية ردع محلية على غرار اتفاقية إسطنبول 2022.

وستطلب كييف، بشكل منطقي، ضمانات بأن مخزونات الأسلحة لن تكون رهينة للسياسة الوطنية أو القضايا الثنائية بين أوكرانيا والدول المضيفة، وسيخضع قرار تحرير المخزونات لاتفاقية مُصدّق عليها بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا.

وخلافًا لمذكرة بودابست، ستكون هذه الاتفاقية مُلزمة، ولن يخضع تنفيذها لتقدير البرلمانات الوطنية أو رؤساء الدول وستخضع الدول المُضيفة التي يُثبت انتهاكها للاتفاقية لعقوبات على مستوى الاتحاد الأوروبي.

وفي ظل معدلات الإنتاج الصناعي الدفاعي الغربي الحالية فإن ملء المخزونات سيستغرق بعض الوقت، لكن يجب الإقرار بأن قيود الموارد نفسها تنطبق على الأسلحة التي تنتظر أوكرانيا استلامها حاليا من شركائها .

وتفضل أوكرانيا انتظار تراكم المخزونات في وقت السلم، كجزء من اتفاق لوقف إطلاق نار على الاستمرار في تلقي جزء ضئيل مما تحتاجه كييف لدعم المجهود الحربي.

مخاطر قليلة

تظل مخاطر إبلاغ الروس بمحتويات المخزون ضئيلة، لأن الاستخبارات الروسية لديها بالفعل فهما جيدا لما يملكه الغرب وما هو مستعد لإرساله إلى أوكرانيا.

كما أن استراتيجية "القنفذ الفولاذي" البديلة لا تدعم أي غموض استراتيجي حقيقي، إذ تمتلك روسيا قدرات استخباراتية كافية لمواكبة الحشد العسكري المحلي الأوكراني وخطط المشتريات المستقبلية.

وأكد الكرملين دائما أنه لن يقبل أي تهديدات لروسيا من أوكرانيا وهذه المخزونات لا تزيد من القوة الهجومية الأوكرانية أو الغربية ضد روسيا؛ لأنها لن تكون على الأراضي الأوكرانية، ولا يمكن أن تشكل تهديدًا إلا إذا هاجمت موسكو كييف وبالتالي فمخزونات الأسلحة هي أداة دفاعية بحتة.

لكن هذا النموذج، غير كافٍ لإنهاء حرب أوكرانيا، كما أنه غير قابل للتطبيق دون اتفاق إطاري أوسع يُعيد إرساء قواعد اللعبة بين روسيا والغرب.

ومع ذلك، سيتعين التفاوض أيضا على مجموعة واسعة من القضايا الأخرى، بما في ذلك ترسيم الحدود، والوضع خارج الكتلة، وعضوية الاتحاد الأوروبي، والعقوبات، ومراقبة وقف إطلاق النار.

حادث تحطم طائرة بوينغ 787 الهندية.. براءة مفاتيح التحكم بالوقود


احتفال كريستيانو رونالدو يؤدي للإصابة بالرباط الصليبي


عودة «بلو بيرد» إلى شاطئ المجد.. إحياء حدث تاريخي عمره 100 عام


أمريكا «تتبرأ» من دعم أحدث الهجمات الإسرائيلية على سوريا