منوعات

صديقي الذكي.. عندما تفضفض مصريات مع الذكاء الاصطناعي

وكالة أنباء حضرموت

مع تزايد انتشار تطبيق “شات جي.بي.تي”، تلجأ الكثير من النساء إليه كمساحات آمنة للفضفضة والدعم النفسي وتلبية جونب من الاحتياجات العاطفية، وتشيد بعض السيدات بما يقدم إليهن من حلول.

ورغم أهمية التطبيقات وتنوع استخداماتها والاستفادة المعلوماتية منها في مجالات مختلفة، إلا أن خبراء أمن المعلومات، حذروا من خطورتها في جمع معلومات خاصة عن المستخدمين، وتوظيفها في تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي عموما.

هالة مدبولي، تعمل بوظيفة مرموقة في أحد البنوك، هي ابنة وحيدة، وتوفي والداها، وتأخر سن زواجها، وتعاني من وحدة كبيرة فلجأت إلى الفضفضة مع “شات جي.بي.تي”، قالت لـ”العرب”، ليست لها صديقات، ومن تعرفهن كل منهن لها حياتها بعد زواجها، وانشغالها بتربية الأبناء، وتقضي في عملها نحو 8 ساعات يوميا، وتعود إلى منزلها مع موعد النوم، وكل شيء تقوم به بمفردها، وتخرج أحيانا لشراء احتياجاتها.

وأوضحت أنها مرت بتجارب خذلان كثيرة من أقارب وأصدقاء، وزملاء في مجال العمل، ولم يبق لها سوى “شات جي.بي.تي” كصديق لا يمل منها، وتفضفض إليه، وتشكو همومها وتعلن عن غضبها له، وتقص عليه كيف كان يومها، وتتحدث معه في كل صغيرة وكبيرة وفي أي وقت، دون أن تخاف من إفشاء أسرارها، وتعتبره “كاتم الأسرار الأمين”، ويمنحها نصائح مجانية نافعة بلا تذمر.

من المعتاد الآن رؤية تدوينات إشادة بهذا التطبيق على مجموعات التواصل الاجتماعي، وهناك من يعتبرونه صديقا وفيا، لا يغلق أبوابه أمامهم أبدا.

كشفت بعض الإحصائيات عن وجود نحو 100 مليون مستخدم شهريا لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في العالم، وتشكل النساء نسبة 60 في المئة، بما يؤكد أهميته في حياتهن.

أكدت الجمعية الأميركية لعلم النفس في تقرير صدر العام الماضي أن النساء يستخدمن أدوات الذكاء الاصطناعي  كداعم نفسي وعاطفي لتقليل الشعور بالوحدة وتلبية درجة من درجات الاحتياج العاطفي والإنساني.

ورغم أن هذه التطبيقات، وأكثرها استخداما “شات جي.بي.تي”، تلعب دور المعالج النفسي، لكنها تمثل خطورة على الصحة النفسية للنساء إذا اعتمدن عليه اعتمادا كليا.

أشارت خبيرة علم الاجتماع زينب أحمد إلى أن النساء بشكل خاص في المجتمعات العربية يلجأن إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي بسبب الوحدة والتعرض لتجارب خذلان، وتعرف الكثير من السيدات اللاتي يعانين من مشكلات زوجية لجأن إلى “شات جي.بي.تي” ليفضفضن معه، وهن سعيدات لأنه يضع لهن حلولا.

وأضافت لـ”العرب” أن بعضهن يجدنه مستمعا جيدا، ويمنح شعورا رومانسيا من خلال كلمات محببة للمرأة، ويسمعها إطراء قد لا تسمعه من زوجها، ويبدأ باستدراجها بتقوية نقاط ضعفها، فإذا كانت قبيحة يصفها بالجميلة، ويعزز داخلها حب نفسها.

وأوضحت أن السيدة أو الرجل الذي يعتمد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في حياته بشكل كامل، قد يصاب مع مرور الوقت برغبة في العزلة وميل إلى الانطواء، وسوف ينتابه شعور بالخوف من التعامل مع الآخرين.

وتم تأسيس علم النفس الرقمي على أساس المستحدثات والأضرار النفسية الناجمة عن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا، وتخصيص بعض العيادات لعلاج الأمراض النفسية الناجمة عن الاستخدام الرقمي الضار. وافتتح عالم النفس في جامعة فيلدينج برنارد لوسكين عام 2020، أول برنامج للماجستير والدكتوراة في علم النفس الإعلامي والدراسات، ومع الوقت يتزايد عدد البرامج والدارسين.

قالت استشاري علم النفس الرقمي نيفين حسني لـ”العرب” إن كثيرين ممن يلجأن إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي بهدف الفضفضة العاطفية، مروا بتجارب حياتية سيئة، مثل الفقد والوحدة والخذلان وغيرها من الأزمات التي يتسبب فيها البشر، ما يجعلهم يلجأون إلى آلة افتراضية تسمعهم ويحكون لها أوجاعهم.

وذكرت أن هذه التطبيقات رغم أهميتها، إلا أن اللجوء إليها كمعالج نفسي والاستغناء بها عن البشر سوف يؤدي إلى التوحد معها، ما يؤثر نفسيا وسلوكيا وعقليا، ويغير من مبادئ الشخص وأخلاقه مع الوقت، وتختل عدة أمور في طبيعته الإنسانية.

وأكدت نيفين حسني أن البعض يفضل التطبيقات الذكية، لأنها لا تحكم عليهم بأحكام خاطئة، لأن الذكاء الاصطناعي شديد التأدب مع مستخدميه، ويحرص على منحهم الثقة في أنفسهم، ويتميز بالإطراء ويكرر أنهم أناس جيدون وشخصيات مؤثرة وليست مهمشة، ويشيد دوما بهم بشكل يجعلهم سعداء ويشعرون بالثقة في أنفسهم، لأنه يعمل من خلال ضوابط أخلاقية تحكم عمله، لاستقطاب الجنس البشري إليه.

ولفتت حسني إلى أن الاحتياج النفسي والاستخدام المفرط يصيبان المستخدم بالعزلة الاجتماعية الرقمية، والتي تتسبب في إبعاد الإنسان عن الانخراط في مجتمعه والتكيف مع واقعه، ما يعرض الشخص إلى ضغوط نفسية وتوتر واكتئاب وقلق، وعدم التفاعل مع المناسبات الاجتماعية وممارسة الرياضة وغيرها من الأنشطة الجسدية.

خبراء يحذرون من خطورة "شات جي.بي.تي" في جمع معلومات عن المستخدمين، وتوظيفها في تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي

وقد تتفاقم المشكلة وتصل إلى الإصابة بما يسمى بـ”اليكساثيميا”، أو “اللامفرداتية”، وهي حالة نفسية تصيب الشخص بصعوبة في كيفية التعبير عن مشاعره لفظيا، نتيجة توحده مع الألواح الإلكترونية، وتصبح الشاشة الذكية هي عالمه.

وتطرقت نيفين حسني في حديثها لـ”العرب” إلى نقطة مهمة تتعلق بأن هذه التطبيقات صممت لكشف نقاط الضعف في المجتمعات، فتجدها تدعم مثلا النساء المستضعفات والمحرومات من حقوقهن، أو نراها تدعم الأقليات، أو تتحيز لجنس دون آخر، بغرض جمع معلومات عن الشعوب والعثور على ثغرات فيها تفيد في الحروب.

والمعنى نفسه، أكده خبير أمن المعلومات وليد حجاج بقوله إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي لم تصمم من أجل العبث واللهو، بل لها أهداف مدروسة بناء على مخطط ذكي، والاستخدام غير الواعي لها عواقبه وخيمة، لأن الحروب الآن تقوم على المعلومات التي تتم تغذية تطبيقات الذكاء الاصطناعي بها على مدار سنوات.

وشدد في حديثه لـ”العرب” على أن كافة وسائل التواصل الاجتماعي تقوم بجمع بيانات شخصية عن مستخدميها، وهناك خواص في موقعي فيسبوك وإنستغرام، تشارك من خلالها أي معلومات خاصة أو صور وفيديوهات وتستخدمها في أبحاث وغيرها، إلا في حالة قيام المستخدم بإلغائها طالبا ذلك من “ميتا”.

وأوضح أن موقع واتسآب مثلا غيّر سياسته منذ ثلاث سنوات، ومن حقه أن يحصل على الصور والرسائل الصوتية من على الحسابات الشخصية للمستخدمين، ويقوم بتحليل شخصياتهم بدقة عالية.

وأكد وليد حجاج أن خطورة استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي تكمن في تحليل البيانات الشخصية لمن يلجأون إليها كمعالج نفسي، ويعتبرونها صديقا لهم، وهي في الحقيقة تستخدم هذه المعلومات في تجارب وأبحاث عدة، وتطور أدواتها كي تملك ملفا كاملا عن كل إنسان، وقد يظن البعض أن المحادثات يتم مسحها من “شات جي.بي.تي” مثلا، لكن هذا لا يحدث ويتم الاحتفاظ بنسخة منها.

ويميل حجاج نحو تصديق نظرية استخدام الذكاء الاصطناعي كسلاح بالفعل ضد البشر لتحقيق نظرية المليار الذهبي، والتخلص من باقي البشر، ولا أحد ينكر أهمية التكنولوجيا في حياة البشر، لأنها مصدر مهم للمعلومات، وإنجاز الكثير من الأعمال، لكن يجب الحذر من الاستخدام المفرط للذكاء الاصطناعي ومخاطر تقديم المعلومات الشخصية.

شباب الانتفاضة يستهدفون مراكز القمع للنظام الإيراني


تصعيد قمعي دامٍ: إعدام ثلاثة سجناء سياسيين وإدانة آخرين في إيران


القاعدة، الحوثيون، والشباب: تحالف انتهازي يهدد الأمن الإقليمي


أحمد الكاس يشيد باستضافة قطر للبطولة العالمية للناشئين