اخبار الإقليم والعالم
بدء إخلاء طرابلس من المظاهر المسلحة لا يلغي نذر المواجهة
قالت اللجنة المؤقتة للترتيبات الأمنية والعسكرية بالعاصمة الليبية طرابلس، إنها بدأت تنفيذ خطة شاملة تهدف إلى إخلاء العاصمة من كافة المظاهر المسلحة، وإعادة تمركز القوات النظامية داخل مقراتها الرسمية، في خطوة تهدف إلى استعادة الاستقرار الأمني وتعزيز سلطة الدولة.
وأكدت اللجنة التي تولى تشكيلها المجلس الرئاسي، أنها باشرت سحب الدوريات المسلحة المنتشرة في أنحاء المدينة، وإرجاعها إلى مواقعها الأصلية، تنفيذا لتعليمات المجلس الرئاسي. كما شرعت في إخلاء المقرات المدنية والعسكرية والأمنية التي تم التمركز بها خلال فترة الاشتباكات الأخيرة.
وشمل الاتفاق أيضا الإفراج عن كافة المحتجزين على خلفية المواجهات المسلحة التي شهدتها طرابلس خلال الأسابيع الماضية، في إطار جهود التهدئة والمصالحة.
وأشارت اللجنة إلى اعتماد خطة أمنية مشتركة تتضمن توزيع تمركزات أمنية عند التقاطعات والمنافذ الرئيسية للعاصمة، عبر قوة مشتركة من وزارتي الدفاع والداخلية، لضمان إحكام السيطرة الأمنية ومنع أي خروقات مستقبلية.
وتأتي هذه الخطوة تنفيذا لقرار المجلس الرئاسي رقم 34 لسنة 2025، الذي نص على تشكيل لجنة مؤقتة لإعداد وتنفيذ ترتيبات أمنية وعسكرية شاملة في طرابلس.
قوى ميدانية رأت أن أي خطوة قد يخطوها عبدالحميد الدبيبة نحو المواجهة ستكون في اتجاه الإطاحة به
ويرى متابعون للوضع الأمني في غرب ليبيا أن مؤشرات المواجهة بدأت تتشكل بقوة في طرابلس في ظل إصرار رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة على الدفع بالمنطقة إلى حرب طاحنة تمكنه من الانفراد بالحكم وضمان بقائه في السلطة إلى أجل غير مسمى.
في المقابل، فإن قوى ميدانية أكدت استعدادها للمواجهة، ورأت أن أي خطوة قد يخطوها الدبيبة في اتجاه المواجهة ستكون في اتجاه الإطاحة به وإنهاء حكمه والدفع به إلى المحاكمة صحبة أركان سلطته المتهاوية، مشيرة إلى أن طرابلس لن تكون لقمة سائغة كما يتمناها الدبيبة والواقفون إلى جانبه وداعمو ميولاته التوسعية والاستبدادية.
في الأثناء، أدان المجلس البلدي بمدينة صرمان الليبية بشدة الهجوم الذي وصفه بالجبان والذي نفذته مجموعة مسلحة خارجة عن القانون في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، واستهدف مقر مكتب الأمن الداخلي ومبنى مباحث الجوازات بالمدينة.
وأسفر الهجوم عن مقتل مساعد الضابط عاطف عياد التومي، أحد أبناء صرمان والتابع لجهاز مباحث الجوازات، أثناء تأديته لمهامه في حراسة أحد المقرات الأمنية المستهدفة، وهو ما أثار المزيد من القلق بين سكان غربي ليبيا ضحايا استمرار حالة الانفلات الأمني وانتشار السلاح.
كما استنكر المجلس في بيانه عملية حرق سيارة تابعة لجهاز الاستخبارات أمام مقر المجلس البلدي الواقع على الطريق الساحلي، معتبرا ذلك تعديا صارخا على مؤسسات الدولة ومحاولة لزعزعة الأمن والاستقرار في المدينة.
الهجوم أسفر عن مقتل مساعد الضابط عاطف عياد التومي، أحد أبناء صرمان والتابع لجهاز مباحث الجوازات
وتعد مدينة صرمان التي تبعد نحو 60 كيلومترا غرب العاصمة طرابلس، واحدة من المدن الليبية التي تضم أكبر التجمعات السكانية في منطقة الساحل الغربي الليبي.
وجاء الهجوم على مكتب الأمن الداخلي ومبنى مباحث الجوازات في صرمان بعد يوم على اختطاف الناشط عبدالمنعم المريمي ابن شقيق أبوعجيلة الذي سلمته حكومة الدبيبة إلى السلطات الأميركية لمحاكمته بتهمة التورط في حادثة لوكربي.
فقد أكدت مديرية أمن صرمان الثلاثاء استمرارها في متابعة عملية اختطاف المريمي بالمدينة، وبذل أقصى الجهود في هذه القضية. ونفت نفيا قاطعا ما يشاع على بعض وسائل التواصل أو المصادر غير الرسمية حول وجود الشخص المختطف داخل أي جهة أمنية تابعة لمكونات مديرية أمن صرمان.
وقالت المديرية إن دورية تابعة لمركز شرطة صرمان المدينة، وبالتعاون مع وحدة البحث الجنائي، تمكنت من العثور على مركبة المواطن المختطف، مركونة على الطريق العام بالمدينة وكان بداخلها أطفاله بدون والدهم وهم بحالة جيدة.
وأشارت إلى أنه تم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة، وتم إشعار النيابة العامة بالواقعة، وجرى تسليم الأطفال إلى أسرتهم وذويهم وفق الإجراءات المتبعة.
واعتبر المرشح الرئاسي السابق سليمان البيوضي أن كل من حرض ضد المريمي، وتنمر عليه مسؤول عن جريمة اختطافه، عبدالمنعم يدافع عن أفكاره ويعبّر عنها، ولديه أكثر من سبب يدفعه إلى التظاهر ضد الحكومة، وقال “تجرأ الخاطفون على عبدالمنعم واختطفوه من بين أطفاله لأنه لا يملك ميليشيا وليس آمر تشكيل مسلح، لا يملك إلا صوته وإرادته”، مؤكدا أن حكومة الدبيبة مسؤولة عن سلامته وحريته ومطالبة بالكشف عن مصيره.
مؤشرات المواجهة بدأت تتشكل بقوة في طرابلس في ظل إصرار الدبيبة على الدفع بالمنطقة إلى حرب طاحنة تمكنه من الانفراد بالحكم وضمان بقائه في السلطة لأجل غير مسمى
وأدانت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا حادثة اختطاف الناشط السياسي والمدوّن عبدالمنعم المريمي في مدينة صرمان من قبل مسلحين تابعين لجهاز الأمن الداخلي، وترك أطفاله لوحدهم في السيارة التي كان يستقلها، ودعت إلى ملاحقة الجناة المسؤولين عن هذه الأعمال الإجرامية الآثمة والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ومحاسبة المسؤولين عنها وتقديمهم إلى العدالة، مشيرة إلى أن هذه الواقعة تبرهن على حقيقة الغياب التام لضبط الأفعال ومقاومة الأعمال الإجرامية، وتبرهن على سوء الأوضاع الأمنية في طرابلس، وعدم قدرة المواطنين على ممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي وإنساني بدون ضغوط وترهيب وتهديد من الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون، ناهيك عن كون هذه الممارسات الخارجة عن القانون والشرعية الإجرائية تمثل انتهاكا جسيما لضمانات حماية حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير وحق التظاهر والتجمع السلمي.
وحمّلت المؤسسة حكومة الدبيبة ووزارة الداخلية المسؤولية القانونية الكاملة، مؤكدة أن تكرار هذه الانتهاكات يقوّض سيادة القانون وهي جرائم ضد الإنسانية تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.
وكان المريمي وهو ضابط سابق في جهاز الأمن الخارجي اختطف من منزله في منطقة بوسليم في العاصمة طرابلس يوم السابع عشر من نوفمبر 2022، من قبل قوة مسلحة مجهولة، تبين لاحقا أنها القوة المشتركة التابعة للحكومة برئاسة الدبيبة، وقد أودع في مقر لها في مدينة مصراتة.
وفي ديسمبر 2022 أعلنت وزارة العدل الأميركية أنها تحتجز الليبي بوعجيلة مسعود المريمي، ويشتبه في قيامه بتصنيع القنبلة التي استخدمت في تفجير طائرة أميركية فوق مدينة لوكربي في أسكتلندا عام 1988.
وقال مسؤول في الوزارة إن الرجل سيمثل أمام محكمة اتحادية في واشنطن قريبا، دون أن يحدد تاريخا لذلك.
وأفادت أسرة المواطن الليبي المختطف بأن “حكومة الدبيبة سلّمت بوعجيلة للسلطات الأميركية، بدون وجه حق، وعبر طرق غير شرعية”.
وحاول الدبيبة التنصل من مسؤولية تسليم أبوعجيلة إلى واشنطن بمحاولة ترويج مزاعم تفيد بأن المريمي مواطن ليبي ومواطن تونسي وهو مطلوب لدى الإنتربول.
ويخشى مراقبون أن يكون التشكيك في هوية وانتماء المريمي من قبل الدبيبة سببا وراء اختطاف ابن شقيقه المعروف بنشاطه الحقوقي وموقفه المدافع عن عمه.