اخبار الإقليم والعالم
خبيرة: اقتصاد مصر مرن في مواجهة الصدمات
سجّل الاقتصاد المصري أعلى معدل نمو فصلي له منذ ثلاث سنوات، ليرتفع بنسبة 4.77% خلال الربع الثالث من العام المالي الجاري، مقارنة بـ2.2% فقط خلال نفس الفترة من العام المالي السابق.
وفقاً لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، انعكس هذا النمو الملحوظ على الأداء العام للاقتصاد، حيث ارتفع متوسط معدل النمو خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي إلى 4.2%، مقارنة بـ2.4% في الفترة نفسها من العام الماضي.
ويقف خلف هذا الأداء عدد من القطاعات الحيوية التي حققت طفرات ملحوظة، أبرزها قطاع الصناعات التحويلية غير البترولية، الذي سجل نموًا قدره 16%، مساهمًا بـ1.9 نقطة مئوية في معدل النمو الكلي. كما واصل قطاع السياحة انتعاشه، محققًا نموًا سنويًا بنسبة 23%، مدفوعًا بارتفاع عدد السائحين إلى نحو 4 ملايين زائر، إلى جانب نمو قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بنسبة 14.7%.
وارتبط هذا التحسن بنشاط واضح في عدد من القطاعات الأخرى مثل الوساطة المالية والتأمين، والكهرباء، والتشييد، وتجارة الجملة والتجزئة، التي واصلت تحقيق معدلات نمو إيجابية خلال نفس الفترة.
أما على صعيد الاستثمار الخاص، فقد أظهرت البيانات الرسمية تسارعًا في وتيرته بنسبة 24.2% على أساس سنوي، ليستحوذ على النصيب الأكبر من إجمالي الاستثمارات المنفذة بنسبة 62.8%، متفوقًا بذلك على الاستثمار العام للربع الثالث على التوالي.
لكن الصورة لم تكن كاملة بدون بعض التحديات. فقد شهد الاستثمار العام تراجعًا حادًا بنسبة 45.6% مقارنة بالربع نفسه من العام السابق (بالأسعار الثابتة)، في حين استمر ناتج قطاع الاستخراجات في الانخفاض بنسبة 10.38%، تحت ضغط من تراجع نشاط البترول بنسبة 9.52% والغاز الطبيعي بنسبة 20.5%.
كما واصلت قناة السويس تسجيل أداء سلبي، حيث تراجع نشاطها بنسبة 23.1% خلال الربع الثالث، وهو انخفاض أقل حدة من الانكماش الكبير البالغ 51.6% المسجل في نفس الفترة من العام الماضي، وسط استمرار تداعيات التوترات الجيوسياسية على حركة الملاحة والإيرادات.
ورغم هذه المؤشرات المتباينة، أبقت الحكومة المصرية على مستهدفاتها للنمو الاقتصادي خلال العام المالي 2025/2026 دون تعديل، عند مستوى 4.5%، بحسب خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مع تأكيد على استمرار متابعة تطورات الأوضاع الجيوسياسية وتقييم تأثيراتها المحتملة على النشاط الاقتصادي.
ومن جانبها، ترى الدكتورة وفاء علي، خبيرة الاقتصاد المصري، أن تسجيل معدل نمو فصلي بنسبة 4.77% في ظل التغيرات العالمية الحادة يُعد مؤشرًا واضحًا على تحسُّن الأداء الكلي ومرونة الاقتصاد المصري في مواجهة الصدمات.
وتوضح في حديثها لـ "العين الإخبارية" أن هذا الأداء القوي لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة تفعيل الدولة لآليات دعم النمو الاقتصادي المستدام، مما أتاح مساحة أكبر لحالة التعافي، وأوجد قدرة على امتصاص الضغوط العابرة للقطاعات. إصلاحات هيكلية مستمرة، بمشاركة فعالة من القطاع الخاص، إلى جانب ضبط المالية العامة وترشيد الإنفاق الاستثماري وخفض الدين العام، كلها عوامل منحت الاقتصاد دفعة قوية.
وتلفت إلى أن قطاعات مثل السياحة، والصناعة، والاستثمار، شكلت روافد حقيقية دفعت عجلة النمو، مع تسجيل تحسن في الوزن النسبي لإيرادات قناة السويس، وزيادة ملحوظة في صادرات الصناعات غير النفطية.
وترى "وفاء علي" أن الدولة تعاملت بذكاء مع مناخ عدم اليقين العالمي، حيث قرأت بوضوح فرضية "اللا استقرار" وتعاملت معها بسياسات تستهدف تحقيق مكرر ربحية مستقبلي في مختلف القطاعات، كمؤشر على اقتصاد متوازن قادر على الاستمرار في النمو.
واختتمت تصريحاتها بأن مؤشرات الاقتصاد المصري بدأت تتنفس الصعداء، وتستعيد توازنها تدريجيًا، متخطية بذلك الضغوط العالمية، ومُبتعدة عن نقطة الاختناق التي وقفت أمامها الكثير من اقتصادات المنطقة والعالم.