منوعات

صوت المعرفة في حضرموت.. الدكتور أديب الشاطري بين وهج الصحافة ورفعة العلم

وكالة أنباء حضرموت

في زمنٍ تتلاشى فيه القيم الأكاديمية أمام الضجيج الإعلامي وتخبو فيه أنوار المعرفة تحت وطأة التقليد والسطحية يبقى هناك من يحمل شعلة الفكر ويسير بها في دروب مظلمة ليضيء بها عقول الأجيال وبين هؤلاء القلّة يبرز اسم الدكتور أديب أحمد عبدالله الشاطري أحد أبرز أعلام الصحافة والإعلام في حضرموت واليمن وأستاذ الإعلام الذي لم يتخلَ يوماً عن دوره التربوي والتنويري بل تعاظم حضوره وسط التحولات المهنية والتعليمية التي يشهدها هذا القطاع الحساس.

الدكتور أديب الشاطري الذي أُضاف عليه اللقب العلمي "أستاذ مشارك" في كلية الإعلام هو نموذج فريد لأكاديمي يحمل داخله قلب إعلامي نابض ومفكر لا يكتفي بالكتابة بل يصنع من الكلمة منبراً للتنوير والتأثير وقد أسهم عبر أكثر من ثلاثة عقود في ترسيخ القيم المهنية للصحافة وتخريج عشرات الطلاب الذين باتوا اليوم رواداً في مؤسسات إعلامية مرموقة داخل اليمن وخارجها.

مسيرة علمية ومهنية تُحتذى
بدأ الدكتور الشاطري رحلته مع الصحافة منذ عام 1992 حيث عمل محرراً صحفياً ومدوّناً ومراسلاً لعدد من الصحف اليمنية مثل "الأيام" و"الراية" و"أكتوبر" ومواقع إعلامية متعددة لم يكن حضوره عادياً بل تميّز بشغفه في تتبع الحدث وحرصه على تقديم المعلومة بروح ناقدة متزنة.

ومن الميدان إلى القاعة الدراسية انتقل الشاطري إلى مسار التعليم الأكاديمي فدرّس مواد الصحافة الحديثة والتحرير الصحفي والإخراج والتصميم الصحفي الإلكتروني في عدد من الجامعات اليمنية والعربية منها جامعة حضرموت وجامعة المهرة وجامعة الجزائر وجامعة تيبازة وغيرها ،وكان له دور فعّال في إنشاء وقيادة العديد من الدورات التدريبية والتأهيلية في مجالات الإعلام الإلكتروني والصحافة الرقمية وتصميم المواقع الصحفية وهي مجالات أصبحت اليوم من صميم العمل الإعلامي العصري.

وقد تميز الدكتور أديب الشاطري بأسلوبه التفاعلي في التدريس ومراعاته للفروق الفردية بين الطلاب وهو ما جعله قريباً منهم فكرياً وإنسانياً ولا يكاد يمر لقاء أو ورشة دون أن يستحضر أسماء طلبته ممن حققوا نجاحات ملموسة بل يُباهي بهم في كل محفل ويؤكد دوماً أن "نجاح الطالب هو الامتداد الحقيقي لمسيرة المعلم".

الشاطري.. بين قاعات الجامعة وساحات العمل النقابي
لم يقتصر حضور الدكتور الشاطري على قاعات الجامعة فقط بل امتدّ إلى فضاء العمل النقابي حيث شغل منصب نائب رئيس تحرير صحيفة "الاتحاد نت" وعضوية نقابة الصحفيين العالمية والعربية وكان صوتاً مدافعاً عن قضايا الإعلاميين وحقوقهم داعياً دوماً إلى ضرورة تعزيز الحريات الصحفية وإيجاد بيئة إعلامية سليمة تتيح للإعلامي أن يؤدي رسالته دون خوف أو قيد.

كما شارك في تأسيس عدد من المبادرات الصحفية المحلية وأسهم في تطوير برامج إعلامية لصالح المجتمع مثل: تعاونه مع معهد "إكسس رود" في مدينة المكلا ومع منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية في تأهيل الصحفيين الشباب في حضرموت.

ومن بين إنجازاته أيضاً تدريبه الصحفيين والطلاب على الصحافة الإلكترونية والتقنيات الرقمية الحديثة حيث جمع بين الحس الصحفي التقليدي وروح العصر فكان قادراً على تطوير مهارات طلابه نحو الإعلام الرقمي وإعدادهم للتعامل مع وسائل الإعلام الجديدة بفكر نقدي وأداء احترافي.

منح اللقب الأكاديمي.. تكريم مستحق
وحين أُعلن مؤخراً منحه اللقب الأكاديمي "أستاذ مشارك" في كلية الإعلام جاء هذا التتويج ليتوّج عقوداً من الجهد المتواصل والعمل الدؤوب في خدمة الإعلام والتعليم ،فقد شكّل الدكتور الشاطري علامة فارقة في قسم الإعلام بجامعة حضرموت حيث لم يكن مجرد محاضر بل مرشداً وموجهاً وملهماً لكل من تعامل معه ، وقد نال اللقب الأكاديمي بناءً على سيرة علمية مشرفة ونتاج بحثي متنوع أسهم فيه بعدد من الدراسات والبحوث وشارك في مؤتمرات محلية وعربية قدم فيها أوراقاً تناولت الإعلام المجتمعي وأخلاقيات العمل الصحفي وتحديات الإعلام الرقمي.

الفخر بالطلاب.. بصمة لا تُنسى

لقد أتيحت لي الفرصة للعمل مع الدكتور أديب الشاطري في بعض الأمور ولمست عن قرب ذلك الإيمان العميق الذي يحمله تجاه طلابه إنه لا يرى نفسه معلماً فحسب، بل شريكاً في نجاح كل طالب، ويفتخر بذلك لطالما كان يقول لي: "إنني حين أرى أحد طلابي متألقاً في عمله، أشعر أنني لم أذهب للجامعة عبثاً" هذه النظرة التربوية العميقة هي ما تميّز هذا الرجل عن غيره، وتجعل من أثره مستداماً في نفوس طلابه وزملائه.

والأجمل أن الدكتور أديب الشاطري لم يجعل من ألقابه أو خبراته حاجزاً بينه وبين طلابه بل ظل متواضعاً مشجعاً وموجهاً حريصاً على احتضان طموحاتهم ومتابعة أخبارهم حتى بعد التخرج.

في الختام، فإن سيرة الدكتور أديب أحمد عبدالله الشاطري ليست مجرد قائمة إنجازات أو شهادات بل هي قصة كفاح وعطاء متواصل وتاريخ من التميز العلمي والمجتمعي تستحق أن تُسجّل بفخر في سجل روّاد الإعلام الأكاديمي في اليمن.

ولعل تكريمه اليوم كـ"أستاذ مشارك" ما هو إلا اعتراف بسيط بعطاء كبير وكلمة شكر لا تفي قامة بحجمه ولكنها تمنحنا فرصة للحديث عن رجل اختار أن يكون منارة للعلم وقلماً للحق وصوتاً للمستقبل.

"لا أرض أخرى".. علامة على حياة مجتمع لم يستسلم أبدا


إلغاء خفض أسعار الكهرباء للمصانع يُنذر بموجة تضخم في مصر


العراق أكثر استقرارا مما كان عليه منذ عقود، لكنه لا يزال يواجه تحديات هائلة


الخلافات على مربعات الغاز تهدد باحتكاكات عسكرية في شرق المتوسط