اخبار الإقليم والعالم

الانقسام وتحديات التماسك يشككان في جدوى بريكس

وكالة أنباء حضرموت

 كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أقوى المؤيدين لتجمع بريكس، وهو تجمع دولي غير غربي كان يضم حتى 2023 البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. وفي عام 2024 تم توسيع عضوية التجمع لتضم مصر وإثيوبيا وإيران والإمارات العربية المتحدة، وإندونيسيا في عام 2025. كما قدمت دول أخرى مما يعرف بعالم الجنوب، والذي تطلق عليه روسيا اسم “الأغلبية العالمية”، طلبات للانضمام إلى التجمع وقد تنضم إليه بالفعل خلال السنوات المقبلة.

وفي تحليل نشرته مجلة “ناشونال إنتريست” الأميركية تساءل مارك إن كاتس، الأستاذ الفخري في كلية سشار للسياسة والحكومة بجامعة جورج مادسون الأميركية، عن مدى فائدة تجمع بريكس لروسيا التي تواجه عقوبات غربية واسعة ومشددة منذ غزوها لأوكرانيا في فبراير 2022. ويرى مسؤولون روس كبار ومعلقون روس لهم اتصالات قوية بدوائر الحكم في موسكو أن بريكس، وبريكس الموسع، مفيد جدا لروسيا. كما أن بوتين بشكل خاص قدم تجمع بريكس باعتباره وسيلة مفيدة للحد من الهيمنة الغربية والأميركية.

وفي أكتوبر 2024 قال بوتين “من الواضح أن توسيع التجمع كان قرارا إيجابيا وصحيحا. وأنا على يقين تام من أن هذا سيعزز بلا شك نفوذنا وسلطتنا على الساحة العالمية، وهو أمر نشهده بالفعل.” وفي يناير 2024 دعا إلى “تنسيق السياسة الخارجية بين الدول الأعضاء” حتى تتمكن من التعامل بفاعلية “مع التحديات والتهديدات التي تواجه الأمن والاستقرار الدوليين والإقليميين،” وهي التهديدات التي يرى بوتين أنها تنبع من الغرب.

وفي أبريل الماضي أعرب سيرجي شويغو، وزير الدفاع الروسي السابق والأمين العام لمجلس الأمن الروسي حاليا، عن أمله في أن “تقدم دول بريكس تقييما واضحا، وإن أمكن، علنيا، لجرائم نظام كييف.” وفي نوفمبر 2024 أعرب المفكر الجيوسياسي الروسي المعروف ألكسندر دوجين عن آمال كبيرة في بريكس، قائلا “أعتقد أن بريكس سيحل محل الأمم المتحدة في السنوات القادمة، لأنه يعكس البنية متعددة الأقطاب الحقيقية التي تطورت بشكل كبير.”

كما توقع المحلل السياسي الروسي سيرجي كاراجانوف، الذي يشغل عدة مناصب بارزة، منها مسؤول النشر في مجلة “الشؤون العالمية” الروسية المرموقة، أن تصبح “الأمم المتحدة كيانا عرضة للانقراض ومثقلا بالبيروقراطيين الغربيين، وبالتالي غير قابل للإصلاح ولا داعي إلى هدمه. وفي غضون ذلك قد يصبح من الممكن إنشاء مؤتمر دائم لهذه المؤسسات في إطار الأمم المتحدة.”

◙ روسيا إما أنها لا تريد لبريكس أن يصبح قويا جدا، وأن هناك حدودا لما يمكن لبريكس تحقيقه، أو أن مصالح روسيا وأعضاء التجمع الآخرين ليست متوافقة تماما

ويرى بوتين وبعض المقربين منه أن توسيع تجمع بريكس أمر حيوي لتعزيز النفوذ الصيني والحد من النفوذ الجيوسياسي للغرب. لكن مع ذلك ستكون من الضروري إقامة هيئات موازية على غرار تجمع بريكس+ ومنظمة شنغهاي للتعاون الموسعة، وتكاملها مع الاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، والسوق المشتركة لأميركا الجنوبية (ميركوسور).

وأشار روس بارزون آخرون في دائرة بوتين إلى أن روسيا إما أنها لا تريد لبريكس أن يصبح قويا جدا، وأن هناك حدودا لما يمكن لبريكس تحقيقه، أو أن مصالح روسيا وأعضاء التجمع الآخرين ليست متوافقة تماما. وفي أبريل 2025 قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إنه “لا ينبغي لتجمع بريكس إنشاء أي سلطة قضائية مستقلة.” ولا يريد لافروف أن تتنازل روسيا عن أي جزء من سيادتها، ولو لصالح تجمع دولي صديق غير غربي.

وأشار ديمتري ترينين، وهو من أشد المؤيدين لحرب بوتين ضد أوكرانيا، في ديسمبر 2022 إلى أن هدف السياسة الخارجية الذي يحاول أعضاء بريكس الآخرون تحقيقه كان محدودا.” وإلى حد الآن تميل الدول الأعضاء في بريكس (الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا ودول أخرى من الأغلبية العالمية) إلى “تصحيح النظام العالمي، بدلا من استبداله جذريا، ناهيك عن تفكيكه.”

وفي أكتوبر 2024 أشار أندريه كورتونوف، المدير الأكاديمي للمجلس الروسي للشؤون الدولية، إلى أنه لا يشارك دوجين توقعاته بأن يحل تجمع بريكس محل الأمم المتحدة، وقال “إن بريكس بالكاد في وضع يسمح له بمساعدة الأمم المتحدة كآلية متعددة الأطراف لصنع السلام، ومن المشكوك فيه أن يقرر مجلس الأمن الدولي بتكوينه الحالي تكليف بريكس بمثل هذه المهمة.”

وفي حين أشاد بوتين وآخرون بتوسيع تجمع بريكس، أشار كورتونوف في أغسطس 2023 إلى أن هذه العملية تنطوي على مشاكل جوهرية لأن “التوسع لا يأتي دون ثمن. فزيادة التنوع داخل المجموعة تسفر حتما عن المزيد من الخلافات بين أعضائها؛ ويصبح من الصعب بشكل متزايد التوصل إلى قاسم مشترك في المسائل الحساسة والمثيرة للانقسام.”

ومن ناحية أخرى لاحظ كورتونوف في الوقت نفسه أن عدم التوسع “يخلق أيضا مشاكل. فالنادي الحصري دائما ما يولد الحسد، بل وحتى الاستياء، لدى غير المقبولين في هذا النادي.” وفي أكتوبر الماضي قال فيودور لوكيانوف، محرر مجلة “الشؤون الخارجية” الروسية، إن الغرب يشدد دائما على “الطابع المناهض للغرب لدى تجمع بريكس.”

ومع ذلك، فإنه “من بين جميع دول بريكس، روسيا وإيران فقط هما اللتان تخوضان صراعا مع الغرب إلى حد ما. أما الدول الأخرى، فلا تبدي اهتماما بهذا النوع من الأمور، إما لتجنب المخاطرة أو لتجنب ضياع بعض فرص تنميتها.” ويختتم مارك كاتس الزميل غير المقيم في المجلس الأطلسي تحليله بالقول إن هناك انقساما ملحوظا في دوائر صنع القرار الروسي بشأن بريكس.

وفي حين يعلق البعض من كبار المسؤولين بمن فيهم بوتين نفسه آمالا كبيرة على الطريقة التي يمكن أن يخدم بها تجمع بريكس الموسع مصالح موسكو، هناك مسؤولون كبار أيضا يرون أن فائدته لروسيا محدودة.

زعيمة المعارضة الإيرانية ترسم ملامح إيران ما بعد السقوط


من أجل إيران حرة وديمقراطية.. إيرانيون يتجمّعون في برلين


سيل من المعلومات المضللة يغطي على الوقائع الحقيقية للحرب


الجفاف يهدد ملايين العراقيين: سد دوكان الضخم يفقد 75 في المئة من مياهه