اخبار الإقليم والعالم

السلطة المصرية تتجاهل مطالب المعارضة ضمن تعديلات قوانين الانتخابات التشريعية

وكالة أنباء حضرموت

دخلت التشريعات المنظمة لانتخابات مجلس النواب المصري حيز التنفيذ بعد مصادقة الرئيس عبدالفتاح السيسي عليها، عكس ما كانت تأمل قوى معارضة في أن يُستجاب لمطالبها بإدخال تعديلات تضفي المزيد من الشفافية وتدعم التعددية ولا تُعيد إنتاج البرلمان الحالي، في انتخابات مجلس الشيوخ المنتظرة في أغسطس المقبل، أو انتخابات مجلس النواب المتوقعة في نوفمبر المقبل.

وتقرر أن تُجرى انتخابات البرلمان بنظام مختلط يجمع بين الفردي والقوائم المغلقة المطلقة، بواقع 50 في المئة لكل منهما، ويعطي الأحزاب، سواء أكانت مع الحكومة أم ضدها، إضافة إلى المستقلين، حق الترشح في النظامين معا، كخطوة أرادت بها الحكومة طمأنة المعارضة بأنها لا تخطط لتهميشها وتريد تحقيق قدر من التوازن.

وضمن النظام الانتخابي الذي أقره السيسي تحقيق التعددية بصيغة مختلفة عن تلك التي تريدها المعارضة، حيث اشترطت التشريعات أن تضم كل قائمة انتخابية ممثلين عن الأقباط والعمال والمزارعين والشباب وذوي الإعاقة والمصريين في الخارج والمرأة، وتكون هذه العناصر حاضرة في البرلمان المقبل، بعيدا عن انتمائها السياسي.

وضاعفت الأحزاب نشاطها بعقد اجتماعات مكثفة للتشاور حول الآلية التي سوف تخوض بها الانتخابات، ومن لهم حق التواجد داخل كل قائمة انتخابية، واختيار العناصر التي تخوض الانتخابات على المقاعد الفردية، وسط ترقب واسع من نواب البرلمان الحالي لما ستؤول إليه القوائم الانتخابية.

ويرتبط خوف النواب، خاصة أعضاء الأغلبية التابعين لحزب مستقبل وطن أو باقي الأحزاب المتناغمة مع الحكومة، بأن الفترة المقبلة سوف تشهد الإعلان عن أسماء النواب الذين سيُعاد ترشيحهم مرة أخرى أو استبعادهم بسبب ضعف الأداء البرلماني أو تراجع الشعبية، كما ستشهد تسمية من سيخوضون الانتخابات عن كل حزب.

ولم يُعلن أي مرشح نيته خوض الانتخابات حتى الآن، لأن الأحزاب لم تنته بعد من مراجعة أداء نوابها الحاليين واختيار من يُعاد ترشيحهم أو إبعادهم عن المشهد، وهذا يشمل من دخلوا البرلمان الحالي ضمن قائمة انتخابية أو بشكل فردي، حيث تشهد الفترة الراهنة نقاشات حزبية حول شكل كل قائمة ومن سينضم إليها من الأحزاب.

وراجت خلال الأيام الماضية أنباء عن نية حزب مستقبل وطن، صاحب الأغلبية البرلمانية، تغيير نحو 70 في المئة من نوابه الحاليين وعدم الدفع بهم مرة أخرى في الانتخابات المقبلة، وهو ما لم ينفه الحزب أو الدوائر السياسية المقربة منه، ما أوحى بوجود توجه داخل النظام للقيام بثورة تغيير في تركيبة البرلمان المقبل.

وتقوم فكرة القائمة الانتخابية على أن تتفق مجموعة من الأحزاب على الترشح معا في قائمة واحدة، ويختار كل حزب مجموعة مرشحين عنه للدفع بهم، مع مرشحي الأحزاب الأخرى داخل تلك القائمة، وحال فاز هذا التحالف في مجموعة دوائر انتخابية يتم توزيع المقاعد البرلمانية حسب عدد المرشحين عن كل حزب، وقوة وشعبية الكيان الحزبي.

وقالت مصادر حزبية لـ”العرب” هناك توجه قوي لدى دوائر فاعلة في هندسة المشهد السياسي، لتضم التحالفات الانتخابية أحزابا متفاوتة الشعبية، بحيث لا يتم استبعاد أي حزب ويكون له ممثلون داخل البرلمان المقبل، لأن المنافسة ستكون قوية ولن تستطيع الكيانات الحزبية الصغيرة دخول البرلمان سوى عبر تحالفات.

وأضافت المصادر ذاتها أن المشهد السياسي مخطط له أن تكون جميع القوى الحزبية، مؤيدة ومعارضة ومستقلة، ممثلة داخل البرلمان دون أن يحتكر أي كيان حزبي الأغلبية البرلمانية، كما جرى في مجلس النواب الحالي، وهذا لا يعني أن تكون الغلبة للمعارضة، بل للموالين بكتل حزبية مختلفة وتركيبة برلمانية تدعم النظام بعقلانية.

ويبدو من المشهد الراهن أن الـ87 حزبا سياسيا من الأحزاب الموجودة في مصر لن تغيب عن البرلمان المقبل، ولو جرى تمثيل الأحزاب الصغيرة بمقعد واحد، المهم حضور الجميع في الصورة.

ورفضت الحركة المدنية، التي تضم أحزاب المعارضة، أن تدخل الانتخابات ضمن قوائم الموالين للسلطة، وقررت أن يكون لها تحالف منفصل مع توسيع دائرة المنافسة على المقاعد الفردية خشية أن تهيمن قوائم أحزاب الموالاة وتجد نفسها خارج البرلمان ما يُحرجها ولا تستطيع الطعن في نزاهة الانتخابات لأنها تحت إشراف قضائي كامل.

وقال المحلل السياسي جمال أسعد إن المصلحة السياسية تقتضي عدم احتكار حزب واحد للأغلبية البرلمانية المقبلة، وعدم استبعاد أيّ حزب من أن يكون له ممثلون داخل مجلس النواب، لأن التعددية لا ترتبط فقط بوجود الشباب والنساء والعمال والمزارعين، بل بالتنوع الحزبي الذي لم يكن مطبقا في البرلمان الحالي.

الفترة المقبلة سوف تشهد الإعلان عن أسماء النواب الذين سيُعاد ترشيحهم أو استبعادهم بسبب ضعف الأداء البرلماني

وأضاف أسعد في تصريح لـ”العرب” أن إعادة إنتاج نفس البرلمان خطأ سياسي، ولا يجب أن يكون النجاح في الانتخابات مرتبطا بالقدرات المالية والنفوذ وشبكات المصالح لأن ذلك يُقصي الكفاءات، ولا بديل عن فك التأميم السياسي الراهن بإجراء انتخابات حقيقية تكرس التعددية الحزبية لتحسين المناخ العام وإقناع الشارع بأن هناك برلمانا حقيقيا.

وتمسكت الحكومة بالإبقاء على النظام الانتخابي للبرلمان بسبب ضعف شعبية الأحزاب المؤيدة والمعارضة، وللوصول إلى مجلس النواب بطريقة سهلة تحتاجان إلى تحالفات وتربيطات ودعم غير مباشر من دوائر رسمية، لذلك لم يكن أمامها سوى تسيير الوضع الراهن وإخراج المشهد بطريقة تُرضي كل الأطراف.

وترفض المعارضة تلك الحُجة باعتبار أن النظام الانتخابي الذي صار أمرا واقعا يظلم المستقلين والمختلفين مع السلطة، لأن النجاح فيه مرتبط بحصول القائمة الانتخابية على 51 في المئة من عدد الأصوات ورسوب التي حصلت على 49 في المئة، ما يجعل من الصعب على الأحزاب الصغيرة أو المعارضة تحقيق تلك النتيجة.

وما يعيد الاعتبار للمشهد الانتخابي وجود تركيز واضح من أغلب الأحزاب على الشباب للدفع بهم كمرشحين بحثا عن وجوه تساهم في تحريك المياه الراكدة في المناخ السياسي، وهو توجّه تدعمه دوائر رسمية لتجديد الدماء والبحث عن كوادر شابة بعيدا عن الوجوه القديمة التي كرست إحباط الشارع.

ويتزامن ذلك مع عدم اكتراث المواطن العادي بما يُخطَط له من ترتيبات حزبية وتحالفات مؤيدة أو معارضة، بعد أن سقطت السياسة من حساباته وبات منهكا في أزماته المعيشية، ولا يعنيه استمرار هذا الحزب في صدارة المشهد أو حلت مكانه كيانات أخرى، لأن النواب والأحزاب بلا فائدة وتركوا الحكومة تفعل كل شيء.

مشكلة أحزاب الموالاة أنها ركزت على ترشيح رجال أعمال وكبار عائلات وشخصيات بارزة في كل منطقة بعيدا عن انتقاء مرشحين من شرائح مجتمعية عديدة تمثل التركيبة السكانية الأكبر، ما كرس انفصال هذه الأحزاب عن الشارع لأنها بدت وكأنها مخصصة للكبار فقط، أو من يبحثون عن مصالح شخصية.

وبعيدا عن عملية هندسة الانتخابات المقبلة، يوحي المشهد السياسي العام بعدم رغبة السلطة في تكرار البرلمان الحالي بهيمنة حزب واحد على الأغلبية أو تهميش المعارضة، ليؤكد مصداقيته بأنه لا يُقصي أي تيار وطني، ويظل التحدي الأكبر مرتبطا بإقناع الناس بجدوى الانتخابات بعد أن ذاقوا مرارة اصطفاف البرلمان خلف الحكومة.

ترامب يلجأ إلى عسكرة الاحتجاجات: الرهان على القوة لمواجهة أزمات الداخل والخارج


السعودية تعول على خبرة رينارد لفك النحس أمام أستراليا


الأطفال في العراق يستعيضون عن الهواتف الذكية بألعاب الأحياء الشعبية


لوحات البهلول الشريف صور ذهنية من حديقة الذكريات