منوعات

إيميليا بيريز وأفلام أخرى.. أعمال عالج فيها جاك أوديار ثيمات مهمة

وكالة أنباء حضرموت

في العام 2021 شارك المخرج الفرنسي جاك أوديار بفيلمه “الحي الثالث عشر في باريس” في مهرجان كان السينمائي، الفيلم الذي صوره بالأبيض والأسود في فترة الحظر- دلالة على قتامة تلك الأيام – أثناء وباء كورونا. قدم أوديار جزءا مختلفا من باريس حيث أنه لم يصور برج إيفل أو شارع الشانزليزيه الشهير بمتاجره العالمية ولم يصور شوارع باريس الجميلة ومقاهي الرصيف فيها وإنما ذهب إلى أحد الأحياء الهامشية التي يقطنها مهاجرون حيث قدم قصة شابة صينية من الطبقة الوسطى كما يفترض أن تكون وقد تخرجت في الجامعة حديثا وتناضل من أجل البقاء في الشركة التي تعمل بها خوفا من طردها وتجمعها علاقة حب مع شريكها في السكن وهو شاب أفريقي. كما صور الفيلم كذلك علاقة الفتاة مع زميلة لها تنتمي إلى نفس الطبقة المتوسطة.

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يقدم فيها جاك أوديار فيلما عن المهاجرين المقيمين في فرنسا فهذا الموضوع كان ثيمة معظم أفلامه السابقة، ففي العام 2015 حاز أوديار على السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي عن فيلمه “ديبان” الفيلم الذي يروي قصة الرجل السيريلانكي المهاجر ديبان (أنتوني ساسان جيو ساسان) أحد مقاتلي نمور التاميل – الحركة الانفصالية التي أرادت إقامة حكم ذاتي في سريلانكا – والذي يضطر للهجرة إلى فرنسا بعد أن توقفت الحرب في بلاده برفقة امرأة وطفلة صغيرة أضاعت أهلها، ويسكن في أحد الأحياء العشوائية في باريس تسيطر عليه عصابات تجارة المخدرات المتواطئة مع الشرطة.

يعمل الرجل بوابا لأحد الأبنية بينما المرأة تعمل كخادمة في البيوت بغية جمع المال للسفر إلى بريطانيا حيث تعيش أختها، لكنه يجد نفسه متورطا في حرب جديدة ليست حربه ضد العصابات في الحي ولكن هذه المرة دفاعا عن حبه للمرأة التي تعيش معه إلى أن يسافر معها في النهاية إلى بريطانيا وينجبان طفلا ويربونه مع الطفلة الصغيرة التي هاجرت معهما.

لاقى الفيلم في حينها إشادات نقدية وجماهيرية كبيرة مثله مثل فيلم “نبي” الذي قدمه أوديار عام 2009 وأدى بطولته الممثل الجزائري الشاب في حينها طاهر رحيم، والذي يتحدث عن الثيمة نفسها أي تجارة المخدرات حيث يروي الفيلم قصة مالك جبانة (طاهر رحيم) الشاب العربي المهاجر الأمي الذي وصل إلى فرنسا بطريقة غير شرعية فيجد نفسه تائها فيها. يقوم في إحدى المرات بالاعتداء على شرطي أوقفه ليتحقق من هويته فيدخل على إثرها إلى السجن وتبدأ رحلته الجديدة في مكان خطر يتسيده المجرمون وتجار المخدرات.

يتعرف مالك في السجن على قيصر زعيم عصابة المخدرات الذي يطلب منه قتل شخص داخل السجن حتى يصبح يده اليمنى، يتحول مالك إلى مجرم وبعدها إلى تاجر مخدرات يقضي على قيصر نفسه في النهاية، ويصبح زعيم عصابة كبيرة. وقد ترشح “نبي” لأوسكار أفضل فيلم أجنبي.

وعاد أوديار في العام 2024 إلى الثيمة نفسها من جديد أي تجارة المخدرات لكن بمقاربة مختلفة وفي بلد آخر غير فرنسا، في فيلم جديد هو “إيميليا بيريز” الفيلم الذي شارك في مهرجان كان العام الماضي في دورته السابعة والسبعين ونافس على السعفة الذهبية كما حصد أربع جوائز في مهرجان الغولدن غلوب المرموقة وهي جائزة أفضل فيلم كوميدي وأفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية وأفضل أغنية أصلية وأفضل ممثلة مساعدة (زوي سالدانا)، كما حصد جائزتين مرموقتين في مهرجان سيزار الفرنسي – المعادل للأوسكار الأميركي – وهي جائزة أفضل إخراج وجائزة أفضل فيلم، كما ترشح لثلاث عشرة جائزة أوسكار في سابقة فريدة حصد منها اثنتان وهما جائزة أفضل أغنية أصلية وجائزة أفضل ممثلة مساعدة أيضا من نصيب زوي سالدانا.

يروي فيلم “إيميليا بيريز” قصة زعيم عصابة المخدرات المكسيكي مانيتاس دي مونت (كارلا صوفيا غاسكون) الذي يقرر التخلص من ماضيه الإجرامي في تجارة المخدرات والقتل بإخفاء هويته عن طريق َتغيير جنسه وتحقيق رغبة لطالما راودته وهو صغير وهي أن يكون امرأة، يقرر أن الأوان قد حان لتحقيق هذه الرغبة فيبدأ بالتقصي والبحث عمّن يساعده على هذا الأمر دون علم زوجته جيسي (سلينا غومز) وطفليه.

التخلص من الماضي
يصل الرجل إلى محامية شهيرة تدعى ريتا (زوي سالدانا) تعمل في مكتب شهير للمحاماة في العاصمة مكسيكو وتترافع عن كبار المجرمين، يستغل موهبتها في كتابة المرافعات من قبل كبار المحامين ليقدموها باسمهم فيتصل مانيتاس بها ويخبرها من هو ويقوم بتهديدها بالقتل إذا لم تستجب لطلبه ومساعدته، في المقابل يعدها بمبلغ كبير من المال إذا وافقت على مساعدته حيث ستصبح ثرية وتعمل باسمها وتتخلص من رؤسائها في العمل الذين يستغلون موهبتها ومهارتها بشرط أن تكتم سرّه إلى آخر يوم في حياتها وخصوصا عن عائلته وتخبرهم أنه توفي.

◙ أوديار عاد في العام 2024 إلى ثيمة تجارة المخدرات لكن بمقاربة مختلفة وفي بلد آخر غير فرنسا

توافق المحامية ريتا في النهاية، تبدأ التعاون مع مانيتاس وترشده إلى الطبيب الذي يجري له العملية وتبدأ الإجراءات ويجري مانيتاس العملية ويتحول إلى امرأة ويتغير شكله كليا حتى ريتا نفسها لا تتعرف عليه. تتخذ المرأة لنفسها اسم إيميليا بيريز(كارلا صوفيا غاسكون) وهو الاسم الذي اتخذ منه الفيلم عنوانه ويرسل لريتا مبلغا كبيرا من المال الذي وعدها به وتصبح ثرية وتخبر زوجته جيسي أنه قد قتل وترك لهم ثروة كبيرة هي والأطفال كي يكملوا حياتهم بها وتساعدهم على الهروب إلى سويسرا خوفا عليهم من انتقام باقي العصابات.

تبدأ حياة مانيتاس أو إيميليا الجديدة حيث يتغير من الداخل أيضا وليس من الخارج فالشخص الذي كان مجرما لا يرحم ذات يوم ويذيب قتلاه في الأسيد تحول إلى امرأة مرهفة الإحساس ورحيمة تسخّر الثروة التي تملكها للأعمال الإنسانية وخصوصا مساعدة أسر قتلى عصابات المخدرات والمختطفين والمسجونين ويدفعها لذلك موقف حصل معها حيث صادفت في أحد المرات في الشارع امرأة تحمل صورة ولدها الذي اختطفته إحدى عصابات المخدرات الأمر الذي أثّر فيها كثيرا وهي التي تعرف جيدا ما تفعله هذه العصابات الإجرامية مع ضحاياها. تسخّر نفسها لخدمة هؤلاء الناس المفجوعين بأولادهم وتبدأ حياة جديدة.

صورة متناغمة

تحن إيميليا إلى أطفالها الذين حرمت منهم فتتصل بريتا وتخبرها أنها عمتهم وتطلب منها أن تخبر جيسي أن عمة والدهم تريد مقابلتهم ورعايتهم فيعيشون معها لفترة ثم يعودون إلى أمهم التي أصبح لديها حبيب وتريد الزواج منه، الأمر يزعج إميليا فتسعى للاستحواذ على الأطفال، وفي هذه الفترة تلتقي امرأة تدعى إبيفيانا (أدريان باز) كانت على علاقة معها في الماضي وأحبتها كما تلتقي بريتا في سهرة عشاء بمطعم في البلد الذي هاجرت إليه لكنها لم تتعرف عليها رغم شكوكها حتى تخبرها إيميليا من تكون فتفاجأ ريتا كيف أصبحت وعلى الرغم من تغير إيميليا من الداخل والخارج إلا أن النزعة الإجرامية لديها تطفو إلى السطح في داخلها من جديد بسبب غيرتها على جيسي من علاقتها الجديدة فتقتلها انتقاما منها في النهاية.

قدم المخرج جاك أوديار فيلمه بكاميرا متحركة طوال الوقت متناغمة مع القصة وأداء الأغاني. وجاء تقطيع اللقطات سلسا انسيابيا يناسب فكرة الفيلم الغنائية، فنجح في إيصال قصته عبر الصورة التي غلبت عليها الألوان الدافئة، كما كان أداء الممثلة المتحولة جنسيا (كارلا صوفيا غاسكون) تلقائيا خدم الشخصية وأضفى عليها واقعية وهي جرأة تحسب للمخرج بإعطائه البطولة لممثلة عابرة جنسيا، رغم الانتقادات التي تعرضت لها أثناء ترشحها لجوائز الأوسكار بسبب تغريدات سابقة على إكس تعبّر فيها عن كراهيتها للمسلمين والسود الأمر الذي أثار جدلا كبيرا بين الجمهور وأعضاء الأكاديمية ومنعها من حضور جوائز الأوسكار رغم حصولها على جائزة غويا الإسبانية كأفضل ممثلة.

كما كان أداء الممثلة زوي سالدانا مميزا في دور المحامية ريتا وكان الفيلم نقلة نوعية كبيرة في مسيرة المخرج الفرنسي الكبير جاك أوديار الذي حاول الاقتراب من عوالم المخرج الإسباني بيدرو أولمودفار وثيماته لكنه لم يرتقي إليها. ويبقى "إيميليا بيريز" من أجمل وأفضل الأفلام التي قدمت العام الماضي من حيث فكرته وقصته.

سفينة صيد تنقذ أربعة صيادين يمنيين ضلوا طريقهم في عرض البحر


الريال اليمني يواصل التراجع ويسجل أدنى مستوى في تاريخه بعدن صباح اليوم الإثنين


استقرار نسبي لأسعار الذهب في الأسواق اليمنية اليوم الإثنين وسط تفاوت بين صنعاء وعدن


توقعات بتفاوت درجات الحرارة في عدن وعدد من المحافظات اليمنية اليوم الإثنين