اخبار الإقليم والعالم
حزب الله يتخلى عن حذره في التعاطي مع أركان العهد في لبنان
تخلى حزب الله عن حذره في التعاطي مع أركان العهد الجديد في لبنان، متبنيا خطابا خشنا حيال الدعوات التي تطالبه بالتخلي عن سلاحه، وهو ما يضع الدولة اللبنانية في موقف صعب، مع تزايد الضغوط الأميركية في هذا الملف.
ويرى متابعون أن الموقف المستجد لحزب الله يأتي استباقا لتصعيد داخلي منتظر ضده، لاسيما مع اقتراب طي صفحة سلاح المخيمات الفلسطينية، التي لطالما مثلت خط الدفاع الأول عن سلاح الحزب المدعوم إيرانيا.
ونجحت الدولة اللبنانية في وضع جدول زمني لحصر سلاح المخيمات بيدها، سينطلق العمل به الشهر المقبل، بعد اتفاق جرى مع السلطة الفلسطينية، خلال زيارة أداها الرئيس محمود عباس قبل أيام إلى بيروت.
ودعم حزب الله في يناير الماضي تولي قائد الجيش العماد جوزيف عون لرئاسة الجمهورية بعد سنوات من الشغور في قصر بعبدا، كما لم يتمسك الحزب بمعارضته تكليف نواف سلام برئاسة الحكومة.
وعلى امتداد الفترة الماضية حرص حزب الله على إظهار انفتاح على العهد الجديد، والتعامل مع الرئيسين، رغم أنهما لا يتوافقان مع توجهاته.
الموقف المستجد لحزب الله يأتي استباقا لتصعيد داخلي منتظر ضده، لاسيما مع اقتراب طي صفحة سلاح المخيمات
ويأتي تمشي حزب الله من موقف ضعف بعد هزيمته في المواجهة الأخيرة مع إسرائيل، والتي فقد خلالها أبرز قيادييه السياسيين والعسكريين وفي مقدمتهم الأمين العام حسن نصرالله، كما تكبد خسائر فادحة على مستوى ترسانته العسكرية، وظهر الحزب بشكل مكشوف تماما.
وخلال الأسابيع الأولى من بداية العهد الجديد في لبنان أرسل حزب الله مؤشرات على استعداده لمناقشة إستراتيجية الدفاع الوطني بما يشمل سلاحه، لكن مواقف الحزب الأخيرة تعكس أن تلك المؤشرات لم تكن سوى مناورة لربح الوقت وإعادة ترتيب صفوفه.
وشن مقربون من حزب الله الأربعاء هجوما لاذعا على رئيس الحكومة، على خلفية تصريحات أدلى بها خلال “قمة الإعلام العربي 2025” التي عقدت في دبي الثلاثاء، والتي ذكر فيها أن من أولويات عمل حكومته “التحرر من ثنائية السلاح.”
ولفت سلام، خلال لقاء مع إحدى القنوات التلفزيونية على هامش القمة، إلى أن حكومته “لن تسكت عن بقاء أي سلاح خارج سلطة الدولة،” مؤكدا انتهاء عصر تصدير الثورة الإيرانية.
وسبق أن تحدث سلام مرارا عن ضرورة نزع سلاح حزب الله، وأن هذا الملف في صميم عمل حكومته، ولم يعلق الحزب على تلك التصريحات لكن اليوم قرر الخروج عن صمته والرد عبر شخصيات محسوبة عليه.
وتوجه المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان ببيان شديد اللهجة إلى الرئيس سلام، معتبرا أن دور الحكومة الحالية ينحصر في البعد الاقتصادي “ودون ذلك عمل الحكومة ليس أكثر من قشور.”
وقال قبلان في بيانه إن “الحكومة معنية بقيادة الجيل العلمي والمعرفي والاقتصادي فضلاً عن قطاعات الزراعة والصناعة والثروة السطحية والمائية وغيرها. وللرئيس نواف سلام أقول: أنت بموقع أبوي للبلد والمواقف الاستفزازية لا تفيد أبدا، ومن باب الأخلاقيات التاريخية أقول: أنت رئيس حكومة لبنان بفضل دعم الثورة الإيرانية للمقاومة التي حررت لبنان واستعادت الدولة والأرض وهزمت إسرائيل والمفروض شكر من وقف مع لبنان بلحظة الشدة لا التنديد به.”
ورأى المفتي القريب من حزب الله أنه “بخصوص ‘ثنائية السلاح’ المنطق السيادي يقول: لا سلاح شرعيا أكثر من شرعية السلاح الذي حرّر لبنان وما زال يحميه، وبمنطق الأرض والتاريخ والتحرير: لا شرعية فوق شرعية سلاح المقاومة والجيش اللبناني، وحين يحصل لبنان على طائرات أف 35 ومنظومات ثاد عندها نناقش ‘سلاح المقاومة’ الذي قاد أعقد المعجزات لتحرير وحماية لبنان.”
وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي يؤكد على تمسك الدولة اللبنانية باحتكار السلاح، مشدداً على أن حزب الله هو تنظيم مسلح خارج عن القانون وليس شرعيًا
ويرى مراقبون أن بيان قبلان هو في واقع الأمر تعبير عن موقف حزب الله، مشيرين إلى أن الأخير يبدو أنه قرر تبني خطاب تصعيدي ضد أركان العهد، مع تزايد الضغوط بشأن تسليم سلاحه.
ولا يملك العهد ترف الخيار في ما يتعلق بسلاح حزب الله، حيث أن عدم حسم هذا الملف سيعني تضييق الخناق الإقليمي والدولي على لبنان، فيما هو في أمس الحاجة إلى جرعات دعم لاقتصاده المستنزف.
وأكد وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي الأربعاء على تمسك الدولة اللبنانية باحتكار السلاح، مشدداً على أن حزب الله هو تنظيم مسلح خارج عن القانون وليس شرعيًا، وأن الشعب اللبناني لم يعد يريد “هذه الثلاثية الخشبية”، في إشارة إلى معادلة “جيش وشعب ومقاومة”.
وفي رد على تصريحات الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم حول رفض نزع السلاح قال رجي في تصريحات صحفية “إنه يستطيع أن يقول ما يشاء، إنما الشعب اللبناني لم يعد يريد هذه الثلاثية الخشبية، انتهى.” وشدد الوزير المنتمي إلى حزب القوات على أن “الدولة اللبنانية لا تفاوض على سيادتها،” مضيفًا “نطلب منه التفتيش عن حل، سلم سلاحك، وشكل مع مناصريك حزبا سياسيا عاديا مع العقيدة التي تريدون، أنا مع الحرية المطلقة في العقيدة، وليعد مقاتلوك إلى حياتهم الطبيعية، وليعد كل فرد إلى عمله.”
وعن الحملة التي تشن ضده من قبل حزب الله قال رجي إنها طالت حتى رئيس الحكومة، وبدأت تمتد إلى رئيس الجمهورية، مضيفا “إنما يظهرون المودة له حتى يبقوه إلى جانبهم، كما يعتقدون.”