اخبار الإقليم والعالم
ازدهار عقارات دبي يغري كبرى شركات الاستثمار العالمية
بدأت سوق العقارات في دبي، التي سجلت ارتفاعا بنسبة 70 في المئة في الأسعار خلال السنوات الأربع الأخيرة، تجتذب موجة جديدة من المستثمرين من وول ستريت.
وتدرس شركة بروكفيلد تطوير مشروع سكني متعدد الاستخدامات في حي دبي هيلز، ليكون أول استثمار لها في القطاع السكني بالمنطقة، بحسب مصادر تحدثت لوكالة بلومبيرغ.
وأفادت المصادر أيضا بأن شركة لإدارة العقارات مملوكة لتيماسيك هولدينغز التابعة لسنغافورة تستكشف المدينة حاليا بحثا عن فرص استثمارية.
وتنضم هذه المؤسسات الاستثمارية إلى مؤسسات كبرى مثل بنك الاستثمار الأميركي غولدمان ساكس وشركة هيلهاوس إنفستمنت في آسيا، وكلتاهما ضختا مؤخرا الملايين من الدولارات في سوق العقارات بالإمارة.
وخلال العامين الأخيرين، شهدت الإمارة بيع ثمانية مبان مكتبية، وهو عدد يفوق ما تم بيعه خلال السنوات العشر السابقة مجتمعة. وينطبق الأمر ذاته على الفنادق، إذ شهدت الثلاثين شهرا الماضية 15 صفقة، وفقا لشركة الاستشارات العقارية نايت فرانك.
وقال أندرو لوف، رئيس قسم أسواق رأس المال والوكالة التجارية في نايت فرانك “العامان الماضيان كانا أكثر زخما من العقد السابق بأكمله من حيث تعاملات أسواق رأس المال.” وأضاف “الطلب يتزايد من مشترين أجانب يبحثون عن عوائد أفضل وضرائب أقل.”
ويختلف هذا المشهد كليا عن السنوات التي أعقبت الأزمة المالية؛ حين ظهرت صورة العشرات من السيارات الفاخرة المهجورة في مطار دبي الدولي بوافدين لم يتمكنوا من سداد ديونهم.
وظلت تلك الصورة راسخة في أذهان المستثمرين المؤسسيين حول العالم، حيث كان ذلك بمثابة تذكرة بطبيعة سوق العقارات في دبي التي تتسم بالدورات الحادة بين الانتعاش والانكماش، في مدينة غالبية سكانها من الأجانب.
وبدأت المدينة الخليجية تتعافى بعد الجائحة حين استأنفت النشاط الاقتصادي مبكرا مقارنة بمدن أخرى، ما جذب إليها أعدادا كبيرة من السائحين والمستثمرين الأثرياء. وقد أسهمت سياسات التأشيرات الأكثر انفتاحا التي أقرتها الحكومة في تعزيز تلك الطفرة.
وبعد اندلاع الحرب في أوكرانيا مطلع 2022، حوّل الكثير من الأثرياء الروس جزءا من أموالهم إلى دبي لحماية أصولهم من العقوبات وقيود رأس المال المشددة في بلادهم.
وسرعان ما انضم إليهم عدد كبير من أصحاب الثروات الجديدة في قطاع العملات المشفرة، ومديري صناديق التحوط الذين جذبتهم بيئة الضرائب المنخفضة، فضلا عن التوقيت الذي يتيح لهم التداول في الأسواق الآسيوية والأوروبية والأميركية في آن واحد.
وأدت هذه العوامل مجتمعة إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار العقارات السكنية والتجارية. ففي الربع الأول من 2025، وقبل تضرر معنويات المستثمرين بسبب الحرب التجارية، وتراجع أسعار النفط، سجلت دبي مبيعات قياسية من المنازل تفوق قيمتها 10 ملايين دولار.
وكانت بروكفيلد قد بدأت تعزيز حضورها في سوق العقارات بدبي في 2020، عندما افتتحت، بالشراكة مع مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية، مشروع آي.سي.دي بروكفيلد بليس، الذي يُعد أكبر برج مكاتب في دبي.
وسرعان ما امتلأ البرج بالمستأجرين ليصبح الأعلى سعرا في الإيجارات التجارية بالمدينة. وفي العام الماضي، تمكنت بروكفيلد من بيع حصة قدرها 49 في المئة في البرج في صفقة قدّرت قيمتها بنحو 1.5 مليار دولار.
25
مليون دولار ضختها وحدة إدارة الأصول التابعة لغولدمان ساكس في صن ست هوسبيتاليتي الإماراتية
أما الآن، فتدرس الشركة الكندية بناء أبراج سكنية إلى جانب مكاتب ومساحات تجزئة للإيجار في منطقة دبي هيلز، المعروفة بفللها الفاخرة.
وتخطط مابل تري إنفستمنتس، وهي شركة لإدارة العقارات مملوكة لصندوق الثروة السيادي السنغافوري تيماسيك بدورها لخوض هذه المغامرة.
ووفقا للمصادر، التي لم تكشف بلومبيرغ عن هويتها، تأمل الشركة في استثمار نحو ملياري دولار في منطقة الخليج بعد افتتاحها مكتبا في أبوظبي العام الماضي.
أما داخل بلاكستون، فقد أجرى عدد من كبار المسؤولين التنفيذيين مناقشات تمهيدية في أنحاء منطقة الشرق الأوسط بشأن استثمارات محتملة في القطاع العقاري التجاري، وفقا للأشخاص المطلعين أنفسهم.
وبذلك، تنضم هذه المؤسسات إلى مجموعة من كبار المستثمرين الذين ضخوا بالفعل أموالا في مشروعات داخل دبي.
والشهر الماضي، استثمرت وحدة إدارة الأصول التابعة لغولدمان ساكس نحو 25 مليون دولار في مجموعة صن ست هوسبيتاليتي الإماراتية بهدف دعم توسع محفظتها من المنتجعات في المنطقة.
أما هيلهاوس، فقد دخلت السوق للمرة الأولى هذا الشهر عبر ذراعها رافا بارتنرز التي استحوذت على العقار التابع لمدرسة هارتلاند إنترناشونال في دبي في صفقة بلغت قيمتها 100 مليون دولار.
وعلى الرغم من الحماسة المتزايدة من قبل مديري الأصول العالميين وشركات التأمين وصناديق التقاعد للاستثمار في سوق العقارات بدبي، لا تزال هناك عقبة رئيسية تتمثل في صعوبة العثور على أصول مدرّة للدخل يمكن شراؤها فعليا.
وحتى الآن، لا تزال العديد من المباني في دبي مملوكة لعائلات إماراتية ثرية أو لجهات حكومية، وهي أطراف حريصة على الاحتفاظ بهذه الأصول المربحة. وهذا الواقع يدفع العديد من الصناديق والمستثمرين إلى التفكير في الاستثمار في مشاريع تطوير جديدة.
ويرى لوف أن رأس المال المؤسسي يسعى للاستثمار هنا، وبدأ فعلا في الوصول، لكن المشكلة تكمن في عدم وجود معروض كاف للبيع. وقال إن “معظم المكاتب في المدينة تم تطويرها من قبل جهات حكومية أو شبه حكومية.”
وأشار إلى أن ذلك يؤدي إلى نقص في المباني من الفئة الممتازة التي يمكن الاستحواذ عليها، وهو ما يعني نقصا في عمق السوق، وهو أمر ضروري للمؤسسات لتبرير دخولها للسوق.
ولم يُثنِ هذا التحدي المستثمر مارتن ليندر، الذي تمكنت شركته غلوبال بارتنرز من جمع أكثر من 350 مليون دولار لصندوقها الثاني، بعد الحصول على تمويل من مكاتب عائلية أميركية، وصندوقي تقاعد ألمانيين، ومؤسسة بارزة من سنغافورة.
وبالنسبة لليندر، فإن هذا الواقع يشكل تحولا كبيرا مقارنة بمحاولاته السابقة حين كان يجمع التمويل لصندوقه الأول، حيث قضى ستة أشهر في بوسطن محاولا إقناع عدد كبير من المستثمرين بإمكانات سوق دبي.
وقال لوكالة بلومبيرغ “في ذلك الوقت، كان القليلون يبدون اهتماما بسوق لم يكونوا يعرفون عنها الكثير.”
ومع ذلك، نجح ليندر في جمع أكثر من 200 مليون دولار في تلك الجولة الأولى، واستخدمها لتشييد مبنيين سكنيين على قناة دبي المائية. وبعد أن بدأت عائدات هذا الصندوق الأول تُوزّع على المستثمرين بمرور الوقت، أصبحت النقاشات مع الداعمين أسهل.
وأضاف “نتلقى اتصالات مباشرة من مكاتب عائلية مرموقة في الولايات المتحدة.” وتابع “سمعوا عنا من جهات أخرى، وبدأوا توسيع مخصصاتهم أيضا.”
وفي أبوظبي المجاورة، جمعت الدار العقارية، وهي أكبر شركة تطوير مدرجة في الإمارة، نصف مليار دولار من شركة أبولو غلوبال مانجمنت في يناير، وذلك من خلال واحدة من أكبر صفقات الطرح الخاص الهجين للشركات في المنطقة.
وبهذه الخطوة ترتفع قيمة استثمارات أبولو في الدار إلى حوالي 1.9 مليار دولار من خلال أربع صفقات تم عقدها من العام 2022.
وفي بيان للإعلان عن الصفقة الأخيرة، قال جمشيد إحساني، الشريك في أبولو، إن الاستثمار يعكس “التزام الشركة بلعب دور المزود الرئيسي لرأس المال في منظومة أبوظبي الاقتصادية الأوسع.”