ثقافة وفنون

أرض العصابات.. مسلسل بريطاني يعيش في جلباب الدراما الأميركية

وكالة أنباء حضرموت

يكرس مسلسل "Mobland" أو "أرض العصابات" الذي يعرض على شبكة باراماونت بلس لفكرة تسيطر على الكثير من النقاد في الغرب، بأن الدراما البريطانية لا تزال تعيش في جلباب نظيرتها الأميركية، من ناحية الهوس بالجريمة والمضمون التجاري والتركيز على إبراز فكرة المؤامرة على حساب القيم المجتمعية.

وبعد عرض مسلسلات كشفت عن تأثير النمط الدرامي الأميركي العميق على صناع الدراما البريطانية، مثل “الحارس الشخصي” و”المدير الليلي” و”لوثار”، يأتي مسلسل “أرض العصابات” ليعيد تجديد الشعور بالأزمة، رغم كونه عملا بريطانيا خالصا، كتابة وإخراجا وتمثيلا، وتقوم ببطولته مجموعة من أبرز الممثلين البريطانيين من أصحاب التجارب الناجحة في هوليوود، يتقدمهم توم هاردي.

يشارك في البطولة النجم الأيرلندي بيرس بروسنان الذي جسد دور العميل البريطاني 007 في بعض أفلام سلسلة جيمس بوند الشهيرة، ومعه النجمة هيلين ميرين التي فازت بجائزة أوسكار، أرفع جائزة سينمائية أميركية، عام 2007، عن دورها في فيلم “الملكة”، وكتب السيناريو الخاص بالمسلسل السيناريست الأيرلندي رونان بينيت، والإخراج للبريطاني المعروف جاي ريتشي، الذي يملك العديد من الأعمال الناجحة في هوليوود.

من المصادفات الدالة على التأثير الدرامي الأميركي في البريطانيين أن المسلسل حمل اسم فيلم أميركي عرض قبل عامين، بطولة النجم جون ترافولتا، لكنه لم يحقق النجاح المنشود، ورغم اختلاف قصة المسلسل عن الفيلم، إلا أن استعارة الاسم تكشف عن تغلغل ثقافة الشاشات الأميركية في “لاوعي” صناع الدراما البريطانية.

هذا التأثير العميق، انتبه له نقاد بريطانيون وكتبوا ينتقدونه في أوقات متفاوتة، حيث نشر بول ريكسون  كتابا بعنوان “التلفزيون الأميركي والشاشات البريطانية” رصد فيه كيف أصبحت البرامج الأميركية جزءًا مهمًا من الثقافة التلفزيونية البريطانية منذ خمسينات القرن الماضي، ما جعل بعض البرامج البريطانية تتأثر بالأساليب الأميركية في الإنتاج والسرد.

ونشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقالا العام الماضي، انتقد البرامج التي تمول من قبل شبكات أميركية مثل HBO وباراماونت ونتفليكس، وتبدو بريطانية في الشكل والمحتوى، وفي الحقيقة كتبت وأخرجت لتناسب الجمهور الأميركي وليس البريطاني.

يعتبر تغول شبكات الإنتاج الدرامي الأميركية على بريطانيا من أكثر ما يخيف النقاد الفنيين البريطانيين الذين يرون أن ما يحدث يضعف الهوية الدرامية البريطانية التي تتميز بالعمق والخصوصية الثقافية، فضلا عن الخشية من أين يكون الجمهور العالمي هو الحكم الوحيد، على نجاح الدراما المحلية أو فشلها، ما يدفع باتجاه الابتعاد تدريجيا عن النمط البريطاني.

ورغم الانتقادات حقق المسلسل نجاحا تاريخيا منذ عرض حلقته الأولى في الثلاثين من مارس الماضي، وحطم أرقام شبكة باراماونت بلس داخل بريطانيا في أسبوعه الأول، متجاوزا حتى مسلسل “1923” و”Yellowstone”، وكان لافتا أن من بين أسباب الإقبال التاريخي على مشاهدته، تفاعل البريطانيين الواسع مع منشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي بحجة أنه يمثل نصرا ثقافيا محليا على المحتوى الأميركي.

يرصد المسلسل الصراع بين عائلة هاريغنز وعائلة ستيفنسون، اللتين تتزعمان عالم الجريمة في بريطانيا، ويقود العائلة الأولى كونراد (بيرس بروسنان) وزوجته المتسلطة مايف (هيلين ميرين)، ويساعدهما في إدارة الأعمال القذرة وتنظيفها هاري دا سوزا (توم هاردي)، بينما يدير العائلة الثانية ريتشارد ستيفنسون (جيف بيل).

يتفاقم الصراع في بداية المسلسل حين يتورط إيدي حفيد كونراد مايف في قتل تومي ابن ستيفنسون وتقطيع جثته، ما يهدد بتفجر الوضع بين العائلتين اللتين تتحكمان في عالم الجريمة المنظمة في بريطانيا، بما يشمله من ترويج للمخدرات والسلاح وغيرها من الأمور، وبينما يسعى هاري بالتعاون مع كيفن (بادي كونسيدين) ابن كونراد ووالد إيدي لاحتواء الأزمة قبل تفاقمها، تقوم مايف بالنفخ في النار لتغذية الصراع، بهدف  التخلص من عائلة ستيفنسون نهائيا.

لمسات إنسانية

يقدم العمل للمشاهد حبكة تقليدية نراها في المئات من الأعمال الدرامية الأميركية سواء في السينما أو عبر الشاشات الفضية، صراع دموي بين عائلتين تسيطران على عالم الجريمة، ومشاهد حافلة بالعنف الجسدي واللفظي، مع خليط من المؤامرات والتدابير المضادة، ما دفع صحيفة بريطانية رصينة مثل “إندبندنت” إلى انتقاد المسلسل بحجة أنه “يفتقد للابتكار واللمسة البريطانية ويعتمد على كليشيهات محفوظة في الدراما الأميركية، جعلته نسخة مشوهة منها.”

وفي المقابل، يصعب تجاهل محاولة المخرج جاي ريتشي إدخال لمسات إنسانية على العمل للاحتفاظ بمسافة أمان (بريطانية) عن الغرق في تفاصيل عالم الجريمة والأكشن التي تميز الدراما الأميركية، فهو يتوقف مطولا بعمق عند تأثير إخلاص هاري لعائلة هاريغنز على تماسك علاقته بزوجته وابنته، وكيف تسبب انهماكه في عمله القذر في تصدع هذه العلاقة، بسبب عدم رضاهما عن عمله أو انشغاله الشديد به لدرجة أنه لا يجد الوقت للذهاب مع زوجته إلى استشاري علاقات من أجل إنقاذ زواجهما.

وركز ريتشي في سعيه نحو “أنسنة” العمل على رصد مأساة زوجة هاري وابنته، ووقوعهما بين سندان التحول لهدف الانتقام من عائلة ستيفنسون، ومطرقة هوس السيطرة الذي يتحكم في كونراد ومايف، كما يبرز حيرة هاري نفسه تجاه هذا الموقف المعقد واضطراره للتصرف بشكل يؤدي إلى المزيد من التصدع في علاقته مع أسرته.

العمل يقدم حبكة تقليدية نراها في المئات من الأعمال الدرامية الأميركية سواء في السينما أو عبر الشاشات الفضية

ويجد نفسه مضطرا إلى اقتحام لجنة الامتحان المدرسي ويسحب ابنته منها ليفوّت عليها خوض الاختبار الذي يحدد مستقبلها، من أجل تأمين حياتها، حيث يقوم بتهريبهما إلى قارب يملكه صديق له ثم إلى القصر الضخم المملوك لعائلة هاريغنز، ونكتشف أن كونراد يحاول التحرش بالزوجة والابنة.

ويرصد العمل الجانب الآخر غير الظاهر من حياة عائلات الجريمة المنظمة، حيث يضطر كونراد لقتل صديقه منذ الطفولة بإيعاز من مايف التي تتهمه بالعمل لصالح عائلة ستيفنسون، ويعيش ابنهما كيفين حياة زوجية مشوهة مع زوجته بيلا، بينما يغرق ابنهما إيدي في وحل المخدرات والجريمة بتشجيع من جدته، المهووسة بالسيطرة والمال على حساب أيّ شيء آخر.

كما يرصد العمل الكراهية العميقة التي تكنها مايف لسيرافينا (مانديب ديلون) الابنة التي أنجبها زوجها كونراد من علاقة عابرة، وهي كراهية تدفع مايف لتحريض ريتشي ستيفنسون عدو العائلة على قتل سيرافينا للانتقام من مقتل ابنه وزوجته على أيدي عائلة هاريغنز.

إهانة وطنية
وسط موجة الانتقادات التي حظي بها العمل، تركزت معظم الإشادات به على الأداء التمثيلي لتوم هاردي، الذي سرق الأضواء من بقية النجوم رغم الأداء المميز المعتاد لهيلين ميرين، لدرجة أن صحيفة “ذي تايمز” وصفته بأنه “مغناطيسي” في حضوره، ويهيمن على المشاهدين بحضوره الطاغي، كما نال جاي ريتشي نصيبا من الإشادة لقدرته على إضافة اللمسة البريطانية على عمل تغلب عليه الحبكة الأميركية.

وحظي بيرس بروسنان بانتقادات واسعة من الإعلام الأيرلندي بسبب لكنته السيئة، ومع الحساسيات المعروفة بين بلدان التاج البريطاني، رأى الأيرلنديون في عدم إتقان بروسنان للغة بلده الأم إهانة وطنية، ما دفع صحيفة “إيريش تايمز” لوصف ما فعله بأنه “كارثة صوتية”، وحظيت هيلين ميرين بانتقادات أيضا جراء لكنتها، لكن بدرجة أقل بحكم أنها إنجليزية وليست أيرلندية.

وفي الوقت الذي تحتفظ فيه الدراما البريطانية بخصوصيتها في بعض الجوانب، إلا أن التأثير الأميركي ظهر في الأسلوب والتمويل، ورغم أنه لا يخلو من إيجابيات في جودة وضخامة الإنتاج، لكنه أثار أسئلة حول ضياع الثقافة البريطانية في الدراما.

وبينما لا يبدو من المرجح أن يتلاشى الجدل حول تأثير الدراما الأميركية على نظيرتها البريطانية، فإنه من المستبعد أن تتحرر الأخيرة من العيش في جلباب الأولى، اعتبارا للكثير من الأمور مثل وحدة اللغة والأسبقية التاريخية والفنية للدراما الأميركية.

أنجلينا جولي تسحر «كان 2025» بعودة مبهرة بعد 14 عاما.. أناقة لا تُضاهى


أحمد الفيشاوي يهاجم منتقدي «الحلق والوشوم»: «اخرس يا اللي مبتفهمش»


رياض محرز يواصل الإمتاع بهدف خيالي


مفاجأة «لام شمسية».. أمينة خليل لم تكن المرشحة الأولى للبطولة