اخبار الإقليم والعالم
تيد كروز ورئاسيات 2028.. سباق مع وريث «ماغا» قبل البيت الأبيض
في لحظة مفصلية يمر بها الحزب الجمهوري، مع اقتراب حقبة ما بعد دونالد ترامب، وفي ظل صراع متزايد على هوية الحزب واتجاهاته، يجري السيناتور الجمهوري تيد كروز تقييماً جاداً لإمكانية خوضه سباق الرئاسة الأمريكية مجدداً في انتخابات 2028.
خطوة قد تضعه في مواجهة مباشرة مع نائب الرئيس الحالي جيه دي فانس، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع بوصفه الوريث الأبرز لحركة «ماغا»، بحسب صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية.
ويحاول كروز تقديم نفسه كصوت للسياسة الخارجية الجمهورية التقليدية ذات النزعة المتشددة، ومدافعاً شرساً ضد ما يصفه بتصاعد معاداة السامية داخل التيار اليميني.
استعداد مبكر ومعركة على جبهتين
وفي استشرافه لمشهد ما بعد ترامب، يخوض كروز عملياً معركة مزدوجة؛ فمن جهة، شنّ هجوماً علنياً على الإعلامي المحافظ المؤثر تاكر كارلسون، واصفاً إياه بـ«الجبان»، ومتهماً إياه بنشر «سمّ» معاداة السامية عبر انتقاداته المتكررة لإسرائيل.
ومن جهة أخرى، وجّه انتقادات حادة، وإن كانت غير مباشرة، إلى نائب الرئيس فانس، محذّراً من أن رؤيته «الانعزالية» للسياسة الخارجية تمثل خطراً على المصالح الأمريكية.
وتقول مصادر مطلعة إن هذا التوتر لم يبقَ في إطار الخطاب العلني فقط، بل امتد إلى الكواليس، حيث عبّر كروز أمام متبرعين كبار عن مخاوفه من توجهات فانس الخارجية، في مؤشر مبكر على صراع محتمل داخل الحزب.
فانس.. العقبة الكبرى
يمثل جيه دي فانس، البالغ من العمر 41 عاماً، العقبة الأبرز أمام أي طامح جمهوري في سباق 2028. فهو يتصدر الاستطلاعات المبكرة، ويتمتع بصورة الحليف الوفي لترامب، والمعبّر الأوضح عن شعبوية «أمريكا أولاً»، رغم أن ترامب نفسه لم يحسم بعد مسألة دعمه كوريث سياسي.
وهنا تبرز المفارقة في مسيرة كروز السياسية؛ فبعد أن لمع نجمه في بداياته كمتمرد على مؤسسة الحزب، يجد نفسه اليوم في موقع المدافع عن الثوابت الجمهورية التقليدية في مواجهة صعود جيل جديد من المحافظين الشعبويين، يقوده فانس ويحظى بدعم شخصيات مثل كارلسون والنائبة مارغوري تايلور غرين، التي لخّصت الموقف بسخرية لافتة حين قالت: «كلنا نكره تيد كروز».
مسيرة متقلبة.. ورهان محفوف بالمخاطر
تعكس المسيرة السياسية لكروز قدرة واضحة على التكيّف مع تحولات الحزب، من عمله مع جورج بوش الابن، إلى صعوده مع حركة «حزب الشاي»، ثم خوضه سباق الرئاسة في 2016 كمنافس مباشر لترامب، وصولاً إلى إعادة تقديم نفسه في مجلس الشيوخ كصانع صفقات يتمتع بنَفَس براغماتي.
غير أن هذه المرونة نفسها قد تتحول إلى عبء؛ فكروز لم يعد قادراً على تسويق نفسه كمرشح «من خارج المؤسسة»، كما أن مواجهته العلنية مع ترامب في 2016 لا تزال تنفّر شريحة من القاعدة الجمهورية.
إلا أن كروز يحاول اليوم صياغة هوية سياسية تجمع بين التشدد الأيديولوجي والواقعية العملية، وهو ما يصفه أستاذ العلوم السياسية دارون شو بأنه «تحدٍ ثقيل».
معركة تتجاوز الأشخاص لهوية الحزب
الصراع المحتمل بين كروز وفانس لا يقتصر في جوهره على الطموحات الشخصية، بل يعكس انقساماً أعمق داخل الحزب الجمهوري حول رؤيته للعالم ودور الولايات المتحدة فيه.
ففي الوقت الذي يقلل فيه فانس والتيار الشعبوي من شأن الاتهامات بانتشار معاداة السامية، ويشككون في مركزية التحالفات الخارجية التقليدية، وعلى رأسها الدعم غير المشروط لإسرائيل، يصر كروز على أن هذه الركائز تمثل جوهر الأمن القومي الأمريكي.
وترى «واشنطن بوست»، أن كروز، رغم خبرته الطويلة وشبكة علاقاته الواسعة، يواجه طريقاً شاقاً؛ فمزاج القاعدة الجمهورية يميل أكثر نحو شعبوية انعزالية، بينما يدخل فانس السباق بزخم مبكر يصعب تجاهله، ما يجعل رهان كروز على استعادة الحزب لنهجه التقليدي مقامرة سياسية عالية المخاطر.