من حلقات «حزب الشاي» لرسم سياسة أمريكا الخارجية.. من هو مايكل نيدهام؟

وكالة أنباء حضرموت

يبرز مايكل نيدهام كأحد أهم الوجوه التي تجسّد التحوّل العميق الذي شهده الحزب الجمهوري في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

فبعد أن كان قبل عقد من الزمن صوتًا متمرّدًا داخل حركة "حزب الشاي" ومزعجًا للجمهوريين التقليديين، بات اليوم المستشار الأقرب لوزير الخارجية ماركو روبيو، والعقل المنفّذ لرؤية دبلوماسية أكثر صلابة تقوم على مبادئ “أميركا أولاً"، بحسب موقع "بوليتكو".

ويحمل نيدهام رسميًا لقب مستشار وزير الخارجية ومدير هيئة تخطيط السياسات، لكنّ دوره الفعلي يتجاوز ذلك بكثير؛ إذ يوصف داخل الوزارة بأنه "مهندس تنفيذ" السياسة الخارجية الجديدة، خاصة في أمريكا اللاتينية، وبأنه أحد أهم من ترجموا النزعة القومية لترامب إلى سياسات عملية.

وقد أكدت خمسة مصادر مقرّبة من روبيو ونيدهام أن الثنائي يشكّلان فريقًا متماسكًا يقود تحولًا جوهريًا في توجهات وزارة الخارجية.

ويقول أحد كبار موظفي روبيو السابقين إن “ماركو كان يمتلك رؤية واضحة، وكان مايك هو من وضعها موضع التنفيذ”.

"مصفاة" سياسية لرؤية "أمريكا أولا"
ويشكّل نيدهام اليوم نقطة العبور الأساسية لأفكار ومبادرات روبيو. فهو يقدّم للوزير مقترحات تمزج بين الأيديولوجيا والتطبيق العملي، من بينها: "قيود على التأشيرات تستهدف شخصيات في قطاع التكنولوجيا مرتبطة بالحزب الشيوعي الصيني. وإجراءات إضافية للحد من الهجرة غير النظامية. وضغط دبلوماسي على حكومات في أميركا اللاتينية تُعتبر مناهضة للمصالح الأمريكية.

ويُنظر إلى نيدهام داخل الوزارة بوصفه باحثًا يطرح خيارات “خارج الأطر التقليدية”، ما يعزز دوره كحامل أفكار غير نمطية في صنع القرار.

تاريخ من الخصومة
ولم تكن مسيرة نيدهام خالية من الصدامات. فمنذ أيامه في “حزب الشاي”، كان بالنسبة للتيار اليميني المتشدد أحد أبرز المنظّرين، بينما اعتبره الجمهوريون التقليديون مصدر إزعاج دائم.

كما ساهم نيدهام، المعروف بمواقفه الحادة تجاه الصين والهجرة، في توجيه الوزارة نحو رؤية قومية أكثر وضوحًا. ففي خطاب عام 2025، أكد أنّ “الازدهار الأمريكي لن يأتي من مصانع الصين، بل من اقتصادنا الإقليمي”، في إشارة إلى إعادة التركيز على دول نصف الكرة الغربي.

وفي 2024، حذّر من أن الهجرة ليست قضية اقتصادية فقط، بل ثقافية أيضًا، معتبرًا أن التدفق الكبير للمهاجرين قد يهدد “القيم الوطنية والقدرة على تقديم الخدمات الأساسية”.

علاقة "فريدة"
وبدأت علاقة روبيو بنيدهام عام 2018، حين عيّنه رئيسًا لموظفيه في مجلس الشيوخ، في وقت كان روبيو يعيد تحديد موقعه داخل حزب بات خاضعًا لتأثير ترامب.

ويرى خبراء مثل ريان ويليامز من “معهد كليرمونت” أن اختيار نيدهام كان إشارة واضحة إلى استعداد روبيو لمراجعة بعض مواقفه السابقة، خاصة بشأن الهجرة.

وبحسب مقربين، فإن مستوى التعاون بينهما “لا يمكن أن يعمل إلا إذا كان كل منهما صادقًا في تبادل الأفكار”، وهو ما أتاح للوزير أن يتصدّر ملفات عديدة داخل الإدارة.

وفي 2023، غادر نيدهام فريق روبيو ليؤسس مركز الأبحاث “أمريكا 2100”، الذي هدف - بحسب تصريحه لـ"ريال كلير بوليتيكس" - إلى “ترسيخ أفكار روبيو وإضفاء طابع مؤسسي عليها”. وسرعان ما أصبح المركز أحد أكثر الأصوات تأثيرًا في الدعوة لتشديد الموقف الأمريكي تجاه الصين.

ويقول مايكل سوبوليك من "معهد هدسون" إن سياسات نيدهام تجاه بكين “أكثر هجومية من معظم المقاربات الأخرى”، وإن مركز "أمريكا 2100" لعب دورًا مباشرًا في دفع صناع القرار نحو نهج أكثر تصادمية مع الحزب الشيوعي الصيني.

ومع ترجيح بقاء روبيو لاعبًا رئيسيًا داخل الإدارة الأمريكية الحالية، يعتقد مقرّبون من نيدهام أن تأثيره بدوره سيستمر. ويقول أورن كاس إن نيدهام “سيظل شخصية محورية في يمين الوسط داخل الحزب الجمهوري والحركة المحافظة خلال السنوات المقبلة، وهي سنوات ستكون حاسمة في تشكيل مستقبل التيار”.