سلطة نادرة في دستور أمريكا.. سلاح محتمل لـ«عزل» ممداني
سلطة نادرة في دستور أمريكا قد تتحول لسلاح محتمل ضد عمدة نيويورك الديمقراطي المنتخب حديثًا زهران ممداني
وبحسب مجلة نيوزويك، أعلنت عضوة مجلس النواب الأمريكي، إيليز ستيفانيك، رسميًا، دخولها سباق انتخابات حاكم ولاية نيويورك ضد الحاكمة الحالية كاثي هوشول.
والإعلان بشأن ترشح النائبة لم يثر قدرا كبيرا من الاهتمام، مثلما أثارت التكهنات حول إمكانية استخدام ستيفانيك، في حال فوزها، سلطة نادرة في التاريخ السياسي للولاية تتيح لها عزل ممداني.
صدام مبكر
فاز ممداني، وهو ديمقراطي تقدمي، بمنصب عمدة نيويورك بنسبة 50.4 في المئة من الأصوات في انتخابات الأسبوع الماضي، بعد حملة انتخابية مثيرة دعمتها الحاكمة هوشول.
غير أن هذا الفوز كان كفيلًا بإشعال مواجهة سياسية حادة مع ستيفانيك، التي وصفت هوشول بأنها "أسوأ حاكمة في أمريكا"، وهاجمت ممداني بعنف ونعته بأنه "شيوعي جهادي معادٍ للسامية".
وفي أعقاب ذلك، أعلنت ستيفانيك رسميًا ترشحها لمنصب الحاكم، مؤكدة في بيانها أن ولايتها ستعيد "الأمان والقدرة على المعيشة إلى نيويورك" التي وصفتها بأنها أصبحت "الولاية الأغلى والأكثر فشلًا في البلاد" في ظل قيادة الديمقراطيين.
صلاحيات وسابقة
أعاد إعلان ستيفانيك ترشحها فتح نقاش قانوني حساس حول سلطة الحاكم في عزل المسؤولين المحليين، وهي صلاحية أقرتها دساتير الولاية وميثاق مدينة نيويورك، لكنها لم تُستخدم فعليًا منذ أكثر من تسعين عامًا.
وينصّ ميثاق المدينة على أنه "يجوز للحاكم عزل العمدة من منصبه بعد توجيه تهم رسمية إليه ومنحه فرصة للدفاع عن نفسه، وله أن يعلّق عمله لمدة لا تتجاوز ثلاثين يومًا ريثما تُنظر التهم ويُبتّ فيها".
وتمنح هذه الصيغة الحاكم صلاحية تقديرية واسعة، لكنها تشترط في المقابل اتباع مسار قانوني رسمي يشمل تقديم التهم وإتاحة الفرصة للعمدة للدفاع عن نفسه واستجواب الشهود تحت القسم.
تاريخيًا، استخدمت هذه السلطة في حالات نادرة فقط، أبرزها في عام 1932 عندما أقال الحاكم آنذاك فرانكلين روزفلت قائد شرطة مانهاتن توماس فارلي بتهم تتعلق بسوء السلوك.
ومنذ ذلك الحين، ظل هذا الحق بمثابة أداة ردع سياسية أكثر منه وسيلة فعلية للحكم.
ويُذكر أن قرار الحاكم في مثل هذه الحالات لا يمكن للمحاكم إبطاله، وفق ما ذكرت صحيفة بوليتيكو في تقرير لها صدر في فبراير/ شباط الماضي، حين ناقشت إمكان استخدام الحاكمة هوشول لهذه الصلاحية لعزل العمدة إريك آدامز.
وفي الوقت الذي تسعى فيه النائبة الجمهورية إيليز ستيفانيك إلى تقديم نفسها كبديل "قوي" قادر على كسر الهيمنة الديمقراطية في ولاية نيويورك، تنقسم استطلاعات الرأي حول فرصها في الفوز بمنصب الحاكم عام 2026.
فقد أظهر استطلاع مؤسسة "مانهاتن" المحافظة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي تفوقًا طفيفًا لستيفانيك بنسبة 43 مقابل 42 في المئة للحاكمة الديمقراطية الحالية كاثي هوشول.
حرب خطابات
في إعلان ترشحها عبر منصة "إكس"، شنت ستيفانيك هجومًا حادًا على منافستها قائلة: "كاثي هوشول هي أسوأ حاكمة في أمريكا، وتحت قيادتها الفاشلة أصبحت نيويورك أغلى ولاية من حيث الضرائب وفواتير الطاقة والإيجارات والأسعار. آن الأوان لإقالة هوشول وإنقاذ نيويورك."
في المقابل، وجّه عمدة نيويورك زهران ممداني، أحد أبرز وجوه الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي، خطاب فوزه بلغة تحدٍّ سياسي واضحة.
وقال: "إذا كانت هناك مدينة تستطيع أن تُظهر لأمة خذلها دونالد ترامب كيف تهزمه، فهي المدينة التي أنجبته... ولهذا أقول لترامب: ثلاث كلمات فقط — ارفع الصوت أكثر."
وفي حال فوز ستيفانيك بمنصب الحاكم، ستكون لديها السلطة الدستورية لبدء إجراءات عزل عمدة نيويورك.
غير أن هذا السيناريو سيصطدم بجملة من العقبات القانونية والسياسية، نظرًا لصرامة المعايير المطلوبة في مثل هذه الإجراءات، ولما قد يترتب عليه من تداعيات على توازن السلطة بين حكومة الولاية وإدارة المدينة.
ويرى مراقبون أن استخدام هذا السلاح السياسي النادر قد يؤدي إلى هزة عميقة في المشهد السياسي لولاية نيويورك، خاصة في ظل الانقسام الحاد بين المحافظين والتقدميين.
ومع أن السيناريو يبقى افتراضيًا بالكامل - فستيفانيك لم تفز بعد ولم تُوجه لممداني أي تهم رسمية - إلا أن مجرد طرح فكرة العزل يكشف عن مستوى غير مسبوق من الاستقطاب السياسي الذي يُتوقع أن يطبع السنوات المقبلة بالولاية الأكثر تنوعًا وتأثيرًا في أمريكا.