مظليون بالذخائر النووية.. أخطر تدريب في تاريخ القوات الخاصة الأمريكية
في ذروة التوتر العالمي بين المعسكرين الغربي والسوفياتي، نفّذت الولايات المتحدة برامج تدريبية سرية وغير مسبوقة.
كان أكثر هذه البرامج إثارة للدهشة برنامج "الضوء الأخضر" الذي نفذته القوات الخاصة الأمريكية، التي درّبت جنودها على تنفيذ قفزات مظلية حاملين قنابل نووية تكتيكية صغيرة تُعرف بالذخائر النووية الهجومية الخاصة (SADM).
لم يكن القفز من ارتفاعات شاهقة بالنسبة لجنود النخبة في العمليات الخاصة، أمرا غريبا، لكن إضافة قنبلة نووية مربوطة بين الساقين جعل المهمة أقرب إلى عملية انتحارية مدروسة.
وتظهر إحدى الصور النادرة التي كُشف عنها لاحقا جنديا أمريكيا في سقوط حر خلال تدريب، وحقيبة القنبلة مربوطة بإحكام إلى جسده.
كانت هذه القنابل من نوع يُحمل على الظهر أو بين الساقين داخل حقيبة صلبة أو قماشية مصممة خصيصا لهذه المهمة، ويبلغ وزنها نحو 150 رطلا، منها 50 إلى 55 رطلا للرأس الحربي النووي من نوع W-54/B-54، بطول 24 بوصة وعرض 16 بوصة، ما جعلها قابلة للنقل من قبل جنديين خلف خطوط العدو.
ظهرت الحاجة لهذه الأسلحة في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، حين كانت واشنطن تعيد صياغة استراتيجيتها النووية في مواجهة الاتحاد السوفياتي، خاصة بعد أن فجّر أول قنابله النووية عام 1949.
وفي عهد الرئيس دوايت أيزنهاور، وُضعت سياسة "النظرة الجديدة" التي شجعت على تطوير أسلحة نووية تكتيكية صغيرة، يمكن استخدامها في ساحات القتال عوضا عن الاقتصار على الردع الاستراتيجي.
بدأت مختبرات "لوس ألاموس" و"سانديا" بتصغير الرؤوس الحربية، بينما اعتمد الجيش الأمريكي منظومات متعددة، من صواريخ قصيرة المدى إلى مدفع "ديفي كروكيت" النووي، وصولا إلى الذخائر النووية الهجومية ADMs، التي صُممت لتدمير الجسور والممرات أو إغراق مناطق حساسة لتعطيل تقدم العدو.
دخلت هذه القنابل الخدمة عام 1954، وجرت تجربتها لأول مرة في "عملية إبريق الشاي" عام 1955، حيث فجّرت قنبلة بقوة 1.2 كيلو طن خلّفت حفرة بعرض 300 قدم وعمق 128 قدما.
وفي منتصف الستينيات ظهر جيل أخف وأكثر مرونة هو الذخائر النووية الهجومية الخاصة، الذي بدأ إنتاجه عام 1964.
كانت فرق "الضوء الأخضر" تنفّذ عمليات الإسقاط جوا أو عبر الغواصات، مع تقسيم رموز التفجير بين جنديين لضمان عدم قدرة أي فرد على التنفيذ منفردا.
وجرت تدريبات في بيئات مختلفة، من الصحارى إلى جبال الألب البافارية، باستخدام نماذج تدريبية غير نووية.
لكن رغم الاحترافية، اعتبر كثيرون هذه المهام محفوفة بالمخاطر، إذ تطلّب نجاحها هروب الجنود من منطقة الانفجار عبر أراضي معادية، وسط أجهزة توقيت قد لا تكون دقيقة، ما جعلها أقرب لمهام "اللاعودة".
لم تُستخدم هذه القنابل في أي مواجهة فعلية، وكُشف عن البرنامج للعامة عام 1984، قبل أن تُسحب رسميًا من الخدمة عام 1989، لتبقى واحدة من أغرب صفحات سباق التسلح في الحرب الباردة.