اقتحام "الوطنية للنفط" يفاقم عزلة الدبيبة والبرلمان يطالب بالتحقيق
علمت “العرب” أن هناك توجها دوليا لدعم خطة تشكيل حكومة موحدة في ليبيا في أجل لا يتجاوز ثلاثة أشهر، وأن أغلب الأطراف الإقليمية والدولية باتت متفقة على ضرورة رفع الغطاء السياسي على حكومة الوحدة المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة واعتبارها جزءا من الماضي بعد ثبوت فشلها في حلحلة الأزمة وتحولها إلى مصدر توتر بات من الضروري تجاوزه بسحب البساط من تحتها نهائيا.
يأتي ذلك، فيما أثار اقتحام عناصر من ميليشيات موالية للدبيبة عاصفة من الغضب في غرب وشرق ليبيا، واعتبره المراقبون دليلا جديدا على اتساع دائرة الفوضى والانفلات في العاصمة الليبية، وعلى تجدد محاولات السيطرة على مؤسسات الدولة، وخاصة من قبل الميليشيات الوافدة من مدينة مصراتة بعد تصفية رئيس جهاز دعم الاستقرار عبدالغني الككلي في منتصف مايو الجاري.
وقال مجلس النواب، إن ثلاث مركبات عسكرية رباعية الدفع، مجهزة بأسلحة متوسطة، وتحمل شارات “قوة التدخل السريع والسيطرة”، التابعة لمجلس الوزراء، بالإضافة إلى ملصقات تشير إلى ارتباطها بحكومة الدبيبة المنتهية ولايتها، نفذت هجوماً غير قانوني على مقر المؤسسة. وأضاف أن هذا الاعتداء العدائي تسبب في حالة من الذعر بين العاملين في المؤسسة، حيث أُجبروا على البقاء في مكاتبهم وسط أجواء من التوتر، في حين اقتحم المسلحون الطابق الخامس الذي يضم مكتب رئيس مجلس الإدارة، وبقوا فيه لمدة ساعة ونصف الساعة بغرض تحقيق أهداف مجهولة لا تمت بصلة لمصلحة المؤسسة أو للدولة.
وفي ضوء هذا التطور الذي وصفه بالخطير، طالب مجلس النواب النيابة العامة بفتح تحقيق فوري وشامل لكشف ملابسات هذا الاعتداء، واستدعاء كافة الشهود والموظفين للإدلاء بشهاداتهم، كما نادى بمراجعة وضع مقر المؤسسة الوطنية للنفط ونقله إلى مدينة أكثر استقراراً، حفاظاً على سلامة العاملين وضمان حماية هذا المورد الحيوي للاقتصاد الوطني من أيّ تدخلات مسلحة.
◙ مصدر مطلع يقول إن العناصر التي هاجمت مقر المؤسسة الوطنية للنفط قادمة لدعم القوات الموالية للدبيبة
وأكد مجلس النواب على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي، وخاصة الدول المؤثرة في مجلس الأمن وبعثة الأمم المتحدة، مسؤولياتهم تجاه دعم المساعي الرامية لتشكيل حكومة مؤقتة موحدة، تكون نبراساً للعدل، وتعمل على إخراج الوطن من ظلمات المعاناة التي سببها وجود حكومة منتهية الولاية وذات سمعة سيئة.
وعبّر المجلس عن استنكاره الشديد للوضع الأمني المتردي في العاصمة طرابلس، حيث أصبحت التجاوزات غير القانونية والاعتداءات السافرة على المؤسسات الوطنية والممتلكات الخاصة أمراً متكرراً وخطيراً، لافتا إلى أن المؤسسة الوطنية للنفط تمثل الشريان الاقتصادي الحيوي لليبيين، وأن هذا الاعتداء يُعد عملاً مستهجناً يعكس استهتاراً واضحاً بسيادة الدولة وهيبتها.
وطالب مجلس النواب النائب العام باتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة، وملاحقة كافة المسؤولين عن هذا الهجوم غير المبرر، وضمان محاسبة كلّ من خطط له أو شارك فيه، لمنع تكرار مثل هذه الاعتداءات التي تهدد الأمن القومي واستقرار العاصمة، مشيرا إلى أن قطاع النفط يمثل سيادة وطنية ومصلحة عامة لجميع الليبيين، ما يحتم تعزيز سلطة القانون والتصدي لأيّ محاولات للعبث بالمقدرات الوطنية، ولا يجوز تطبيق القانون بشكل انتقائي، إذ أن ذلك يُضعف مساعي بناء دولة المؤسسات والقانون.
وبحسب مصدر مطلع، فإن العناصر التي هاجمت مقر المؤسسة الوطنية للنفط قادمة من مدينة مصراتة لدعم القوات الموالية للدبيبة، وكان هدفها من الاقتحام إجبار إدارة المؤسسة على تمكينها من مبالغ مالية وعقود مجزية تحت ضغط السلاح. وأعربت الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب والتي تباشر مهامها من بنغازي، عن إدانتها واستنكارها لقيام مجموعة مسلحة غير نظامية بالاعتداء السافر على مقر المؤسسة الوطنية للنفط بالعاصمة طرابلس وعلى مكتب رئيس مجلس إدارتها وتهديد وترهيب موظفيها.
وأكدت الحكومة التي برأسها أسامة حماد، عدم استغرابها من قيام المجموعة المسلحة بإجبار موظفي مؤسسة النفط على إصدار بيان ينفي حصول واقعة الاعتداء التي حصلت على مرأى ومسمع الموظفين وعدد من المواطنين وذلك في ظل حالة الفوضى العارمة التي تمر بها العاصمة طرابلس وانتشار السلاح لدى مجموعات غير نظامية ترهب به مؤسسات الدولة، مشيرة إلى حالات اعتداء مماثلة من مجموعات مسلحة غير نظامية حدثت في أيام وفترات سابقة طالت مصرف ليبيا المركزي وميناء طرابلس البحري.
كما لفتت إلى حالة الصمت المريب من قبل البعثة الأممية والمبعوث الأميركي الخاص لدى ليبيا تجاه هذه الحادثة الخطيرة وطالبتهم بتحمل مسؤولياتهم تجاه ما ستؤول إليه الأوضاع من تهديدات مباشرة لقطاع النفط في ليبيا، وأكدت أنها قد تضطر إلى اتخاذ إجراءات وتدابير احترازية من بينها إعلان حالة القوة القاهرة على الحقول والموانئ النفطية، أو نقل مقر المؤسسة الوطنية للنفط مؤقتاً إلى إحدى المدن الليبية الآمنة، مشيرة إلى أنها لن تقبل أيّ تدخل من البعثة الأممية ضد هذه القرارات الضرورية والحاسمة، داعية مكتب النائب العام بفتح تحقيق موسع في واقعة الاعتداء على المؤسسة الوطنية للنفط، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لملاحقة وضبط المعتدين وتقديمهم للقضاء في أسرع وقت ممكن.
◙ مجلس النواب طالب النائب العام باتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة، وملاحقة كافة المسؤولين عن هذا الهجوم غير المبرر
وشهدت العاصمة طرابلس ومدينتا تاجوراء والزاوية المجاورتان تحركات ليلية واسعة ضد حكومة الدبيبة، حيث أغلق المحتجون معظم الطرق الرئيسية وسط تصاعد حالة الغضب الشعبي، ورفعوا شعارات بإسقاط الحكومة وملاحقة المتورطين في الفساد ونهب ثروات الشعب الليبي. وفي تاجوراء، أقدم المتظاهرون على إغلاق الطريق السريع بالإطارات المشتعلة، مرددين هتافات تُطالب بإسقاط الحكومة، كما تم إغلاق طريق جزيرة القرقني وطريق السبعة، إضافة إلى كوبري الشعاب على طريق الشط طرابلس، في ظل استمرار التوتر وانتشار المحتجين في عدة مفترقات.
وقام متظاهرون ضد حكومة الدبيبة بإغلاق الإشارة الضوئية اليرموك في جنزور، بالإطارات المشتعلة وأشعلوا الإطارات أيضًا في طريق جامعة طرابلس وأغلقوا جزيرة الفرناج مُطالبين بإسقاط الحكومة. وينتظر أن تشهد طرابلس اليوم الجمعة وللأسبوع الثالث على التوالي مسيرات التحدي والإصرار على الإطاحة بأسرة الدبيبة من السلطة والدفع نحو حل سياسي بتوافق وطني بين مختلف الفرقاء. في الأثناء، عقد النائب العام الصديق الصور اجتماعا بطرابلس مع الجهات العدلية والشرطية على استعراض التبليغات والشكاوى المرفوعة في مواجهة منسوبي جهاز دعم الاستقرار؛ والإجراءات المتخذة في شأن انتهاكات حقوق الإنسان المنسوبة إليهم؛ وكذلك نتائج إجراءات البحث عن المفقودين.
وتناول اللقاء – حسب مكتب النائب العام – نتائج إجراءات الاستدلال والتحقيق المتخذة إزاء الأضرار التي لحقت العقارات والمنقولات؛ ومبلغ الخسائر الاقتصادية الناجمة عن أعمال الاحتراب التي شهدتها مدينة طرابلس خلال شهر مايو سنة 2025؛ وحالات الوفاة والإصابات في صفوف السكان؛ إضافة إلى نتائج تحقيق حوادث إصابة المتظاهرين ورجال الأمن خلال التظاهرات في مدينة طرابلس؛ وأسباب الحوادث والوفاة التي أصابت بعض نزلاء مؤسسات الإصلاح والتأهيل؛ والتدابير المتخذة لغاية إنفاذ القرارات القضائية الصادرة في مواجهة المحكوم عليهم والمحبوسين احتياطياً الفارين؛ والتدابير الاحتياطية المتخذة في مواجهة المسند إليهم واقعات سرقة ارتكبت ضد أموال الأفراد والإدارة العامة أثناء الاضطراب الذي شهدته مدينة طرابلس، بما في ذلك تلكم المسندة إلى منسوبي الجهات الأمنية وغيرهم.
ووجه النائب العام في ختام اللقاء بمباشرة إجراءات الاستدلال عن الواقعات الإجرامية التي انطوت عليها التبليغات الحديثة؛ واستيفاء تحقيق السابق منها ورفع الدعوى الجنائية عن واقعات القتل، والشروع فيه، والخطف، والإيذاء، وتقييد الحرية أو سلبها خارج إطار القانون، والسرقة، وسائر الانتهاكات المستمرة حتى سنة 2025 في مواجهة من تترجح مسؤوليته.