القمة العربية - العراق
"إبهام مرفوع" في بغداد يثير الجدل قبيل القمة العربية: رسالة رمزية من الحشد أم صُدفة غير محسوبة؟
بينما تستعد العاصمة العراقية بغداد لاستضافة القمة العربية، فوجئ المراقبون بظهور مجسّم ضخم على هيئة "إبهام مرفوع" أمام فندق "قلب العالم"، المقر الرسمي لانعقاد القمة. المجسّم، الذي تولت تنفيذه جهات محسوبة على "الحشد الشعبي"، أثار موجة من التساؤلات حول مدلولاته وتوقيته، في مشهدٍ وصفه بعض النشطاء بأنه "رسالة مبطنة ذات طابع ثقافي وسياسي".
في الثقافات الغربية، تُستخدم الإيماءة بالإبهام غالبًا للدلالة على الإيجابية، لكن في الثقافة الشعبية الإيرانية، فإن "رفع الإبهام" قد يحمل معنى معاكسًا، ويُستخدم في سياقات مشابهة لاستخدام الإصبع الوسطى في ثقافات أخرى، ما يضفي على المشهد رمزية ذات طابع استفزازي بالنسبة للبعض، خصوصًا في سياق القمم الرسمية.
قراءة في الرمزية
يرى محللون أن المجسم لا يمكن قراءته بشكل معزول عن السياق السياسي الذي تعيشه بغداد، في ظل تصاعد نفوذ الفصائل الموالية لإيران، وتحول مؤسسات الدولة إلى ساحات تنافس بين الولاءات الإقليمية. فبينما تسعى الحكومة العراقية إلى تقديم نفسها كدولة ذات سيادة قادرة على استضافة قمم عربية رفيعة المستوى، تظهر في المقابل رسائل بصرية كهذه، تضعف من هيبة المشهد وتدفع باتجاه تأويلات لا تخدم صورة العراق في محيطه العربي.
المثير في هذا التوقيت أن نصب المجسم تم دون إعلان رسمي من الحكومة العراقية، ولم تصدر حتى اللحظة أي توضيحات بشأن هدفه أو الجهة الرسمية التي أقرّت تنفيذه، ما فتح الباب أمام تفسيرات شعبية وسياسية واسعة.
إشارات إلى الحضور العربي
المجسم، الذي وُضع على مقربة من موقع القمة، اعتبره مراقبون بمثابة "رسالة غير ودية" تُظهر مفارقةً صارخة بين الاستعدادات الشكلية لاستقبال القادة العرب، وبين ما قد يُفهم أنه موقف ضمني من الحضور العربي ذاته. وتأتي هذه الرسالة، بحسب محللين، ضمن سياق الهيمنة الرمزية التي تمارسها بعض الأطراف الإقليمية داخل العراق، والتي تستثمر المناسبات الكبرى لتأكيد نفوذها أو تمرير رسائل ضمنية.
صراع الرموز والهوية
توقيت نصب المجسم، وموقعه، وشكله، كلّها عناصر تشير إلى صراع خفي في المشهد السياسي العراقي، حيث لم تعد السجالات تدور فقط في الخطابات والمنابر، بل باتت الرموز البصرية والفضاء العام ساحات تعبير عن الهيمنة والرفض والولاء.
وفي الوقت الذي يحاول فيه العراق تعزيز حضوره الدبلوماسي عربياً، تأتي مثل هذه الرسائل لتكشف عن تناقض داخلي، يُضعف من ثقة الشارع العربي في مدى استقلالية القرار العراقي، ويثير الشكوك حول قدرة بغداد على أن تكون عاصمة جامعة، لا عاصمة ملحقة بمحور إقليمي معيّن.
غياب التعليق الرسمي
حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تُصدر الحكومة العراقية أو الجهات المنظّمة للقمة العربية أي بيان توضيحي بشأن طبيعة المجسم أو أهدافه، وهو ما يُفسَّر ضمنًا إما كإقرار غير معلن، أو تجاهل لتأويلاته، ما يزيد من حالة الجدل ويغذّي الشكوك لدى الرأي العام.