اتفاقيات بأكثر من تريليون دولار: زيارة ترامب ترسخ دور قطر السياسي في النزاعات الدولية

وكالة أنباء حضرموت

جاءت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الدوحة، وتوقيعه اتفاقيات مع قطر تفوق قيمتها تريليون دولار ما يجعلها الأضخم بين بقية دول الخليج، لتفتح بابا جديدا في العلاقات الثنائية، يتجاوز الأبعاد الاقتصادية إلى تثبيت موقع قطر لاعبا محوريا في هندسة النزاعات الإقليمية والدولية.

ويقول مراقبون إن قطر التي أتقنت لعب دور الوسيط في أكثر من ملف معقد، تدرك أن تأمين موقع ثابت في الحسابات الأميركية المقبلة لا يتحقق إلا بالمساهمة المباشرة في الاقتصاد الأميركي وبعرض شراكات تتجاوز المألوف.

ويرى هؤلاء المراقبون أن قطر تعتبر هذه الصفقات استثمارا سياسيا طويل الأمد في العلاقة مع واشنطن ومع ترامب نفسه، الذي عاد إلى البيت الأبيض على وقع وعود بإعادة رسم السياسة الخارجية الأميركية بمنطق الربح والخسارة.

وتراهن قطر التي اختبرت بنجاح دورها في الملفات الشائكة، على أن هذا الدور لا يمكن أن يصمد في وجه التحولات الكبرى إلا إذا اقترن بمشروع اقتصادي – سياسي متكامل يحجز لها موقعا دائما على طاولة الكبار.

◙ قطر تعتبر هذه الصفقات استثمارا سياسيا في العلاقة مع واشنطن ومع ترامب نفسه الذي عاد لرسم السياسة الخارجية الأميركية بمنطق الربح والخسارة

وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبرم الأربعاء اتفاقيات اقتصادية ضخمة مع قطر بقيمة لا تقل عن 1.2 تريليون دولار، من بينها صفقات تجارية تتجاوز 243.5 مليار دولار تشمل بيع طائرات بوينغ ومحركات لشركة الخطوط الجوية القطرية.

وأشاد الرئيس الأميركي بدور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وبجهوده في إنهاء النزاعات، في إشارة واضحة إلى ضوء أميركي أخضر لاستمرار الدوحة في القيام بوساطتها في ملف غزة بالرغم من انتقادات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لها باستمرار ورغبته في أن تضغط إدارة ترامب على قطر لتغير من أدائها تجاه حماس.

ولعبت الدوحة دورا أساسيا في الوساطة بين إسرائيل وحركة حماس وتدخلت مؤخرا في أزمة أوكرانيا وروسيا حيث أعلنت في مارس نجاح وساطتها في لمّ شمل دفعتين جديدتين من الأطفال مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا.

وراكمت قطر سجلا دبلوماسيا حافلا جعلها وسيطا موثوقا في نزاعات معقدة. فقد رعت اتفاق الدوحة سنة 2008 في لبنان وسهلت مفاوضات طالبان وواشنطن التي أفضت إلى انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان كما أدارت قنوات خلفية بين واشنطن وطهران أسفرت عن تبادل سجناء وتخفيف التوتر.

وفي هذا السياق قال ترامب “نأمل أن تساعدنا قطر في ما يتعلق بإيران فربما ننجح بإنقاذ الملايين من الأرواح ولا نريد خروج الأمور عن السيطرة،” مؤكدا “سنفعل لقطر أمورا ستسرهم.” وأعرب ترامب عن تطلعه إلى “مساعدة دولة قطر لنا في معالجة الوضع مع إيران.”

والأحد، استضافت العاصمة العمانية مسقط جولة رابعة من المباحثات بين واشنطن وطهران، قال عنها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في حديث للتلفزيون الإيراني الرسمي، إنها كانت “أكثر جدية وصعوبة من سابقاتها.”

◙ قطر التي اختبرت بنجاح دورها في الملفات الشائكة تراهن على أن هذا الدور لا يمكن أن يصمد بوجه التحولات الكبرى إلا إذا اقترن بمشروع اقتصادي - سياسي

وفي الدوحة قال ترامب “نحن أصدقاء من فترة طويلة، والأمير تميم رجل رائع. أشكرك على الصداقة التاريخية ولطالما جمعتنا علاقة ممتازة.” ووقعت قطر والولايات المتحدة، الأربعاء، اتفاقية لشراء 160 طائرة بوينغ بأكثر من 200 مليار دولار، بحضور الشيخ تميم وترامب. جاء ذلك خلال مراسم توقيع عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين البلدين عقب مباحثات بين الأمير تميم والرئيس ترامب.

وبعد التوقيع في الديوان الأميري القطري بالدوحة قال ترامب “وقعنا مع قطر اتفاقية بأكثر من 200 مليار دولار لشراء 160 طائرة بوينغ.” وأوضح أن الاتفاقية تعد “أكبر طلب في تاريخ الشركة.”

وشهدت المراسيم توقيع عدة اتفاقيات في مجال الطيران والدفاع. كما وقّع الشيخ تميم وترامب، على إعلان مشترك للتعاون بين الدولتين. وعقب التوقيع، قال أمير قطر إن اللقاء مع الرئيس ترامب “تناول العلاقات الثنائية المتميزة التي تجمع البلدين، إلى جانب مناقشة عدة قضايا، لاسيما الأوضاع في المنطقة.”

كما استعرض الجانبان علاقات التعاون الإستراتيجي بين البلدين، وسبل دعمها وتطويرها في مختلف المجالات، لاسيما في مجالات الدفاع، والاقتصاد، والاستثمار، والطاقة، والجهود المشتركة لتعزيز الأمن والسلام الدوليين.

وأشار إلى أن “مذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين اليوم ستسهم في دفع العلاقات الثنائية إلى مستوى متقدم،” معربا عن بالغ شكره للرئيس الأميركي على “زيارته التاريخية” إلى دولة قطر.