ضغوط السعودية تدفع تحالف أوبك+ إلى تسريع زيادة الإنتاج
نجحت الضغوط السعودية في دفع كبار منتجي النفط المنضوين داخل أوبك+ إلى إقرار تسريع الإنتاج وتجاوز خطط المرحلة الماضية القائمة على خفض الإنتاج للتحكم في بقاء الأسعار.
وجاء الموقف السعودي في خطوة كان الهدف منها في البداية معاقبة الدول التي لم تلتزم بالحصص المتفق عليها، لكنها تحولت إلى إستراتيجية في المرحلة المقابلة رغم أن خفض الإنتاج سيقود آليا إلى زيادة خفض الأسعار، ما يربك المشاريع الكبرى التي تنوي السعودية تنفيذها ضمن رؤية 2030.
وقالت مصادر في أوبك+ إن السعودية تضغط على التحالف لتسريع وتيرة إنهاء تخفيضات الإنتاج السابقة لمعاقبة العراق وكازاخستان على عدم التزامهما بحصص الإنتاج.
وأعلن تحالف أوبك+، الذي يضم كبار المنتجين في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء آخرين مثل روسيا، السبت موافقة الأعضاء على زيادة الإنتاج في يونيو بمقدار 411 ألف برميل يوميا، رغم انخفاض الأسعار وتوقعات ضعف الطلب.
وتبدو السعودية قد قررت فعليا التقليص في بعض مشاريعها الكبرى وتأجيل البعض الآخر إلى وضع أفضل ترتفع فيه أسعار النفط من جديد، وهو ما يعني عدم الالتزام بشكل دقيق برؤية 2030 التي طرحها وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، وربما تجزئتها إلى مراحل والاكتفاء حاليا بالمشاريع التي ترتبط بأحداث مهمة مثل ملاعب كرة القدم وبعض المشاريع السياحية لتتلاءم مع استقبال المملكة لكأس العالم لكرة القدم في العام 2034.
◙ إجمالي الزيادة في أبريل ومايو ويونيو يصل إلى 960 ألف برميل يوميا، بتراجع 44 في المئة عن التخفيض البالغ 2.2 مليون
وعقب اجتماع عبر الإنترنت استمر أكثر من ساعة، أعلن التحالف موافقته على تسريع زيادة الإنتاج للشهر الثاني على التوالي، مؤكدا أن أساسيات سوق النفط قوية فضلا عن تراجع المخزونات.
وهوت أسعار النفط بأكثر من واحد في المئة الجمعة، مع تأهب الأسواق لزيادة إمدادات أوبك+، في الوقت الذي دفعت فيه المخاوف من تباطؤ اقتصادي ناجم عن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، الخبراء إلى خفض توقعات نمو الطلب لهذا العام.
وانخفضت أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها في أربع سنوات في أبريل، لتسجل أقل من 60 دولارا للبرميل، بعد أن أعلن تحالف أوبك+ عن زيادة أكبر من المتوقع في الإنتاج لشهر مايو، وفي الوقت الذي أثارت فيه رسوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمركية مخاوف من ضعف الاقتصاد العالمي.
وقال جورج ليون من شركة ريستاد إنرجي إنّ “أوبك + ألقى قنبلة للتو في سوق النفط" .وأضاف “بعد الإشارة التي قدمها الشهر الماضي، يُرسل القرار المُتخذ اليوم (السبت) رسالة واضحة: المجموعة تغيّر إستراتيجيتها وتسعى إلى استعادة حصتها في السوق بعد سنوات من التخفيضات“.
ووفق المحلّل، يهدف هذا التغيير في الإستراتيجية أيضا إلى إقامة “علاقات جيدة مع الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب.” وتأتي هذه الزيادات أيضا في أعقاب دعوات من ترامب لأوبك+ لزيادة الإنتاج. وسيزور ترامب السعودية في وقت لاحق من مايو الجاري.
ووافقت ثماني دول من أعضاء أوبك+ في ديسمبر، والتي كانت تطبق أحدث تخفيضات لإنتاج التحالف البالغة 2.2 مليون برميل يوميا، على الإلغاء التدريجي للتخفيضات بزيادات شهرية تبلغ نحو 138 ألف برميل يوميا بداية من أبريل 2025. وإضافة إلى السعودية وروسيا، وافق العراق والإمارات والكويت وكازاخستان والجزائر وعمان على مواصلة زيادة الإنتاج.
وباحتساب رفع الإنتاج في الشهر المقبل، سيصل إجمالي الزيادة المجمعة في أبريل ومايو ويونيو إلى 960 ألف برميل يوميا، وهو ما يمثل تراجعا بواقع 44 في المئة عن التخفيض البالغ 2.2 مليون برميل يوميا، وفقا لحسابات رويترز. وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت بأكثر من واحد في المئة عند التسوية الجمعة إلى 61.29 دولار للبرميل مع تأهب المتعاملين لزيادة في إنتاج أوبك+.
وتوقع جيوفاني ستونوفو، المحلل لدى يو.بي.إس، انخفاض أسعار النفط يوم الاثنين نتيجة للأخبار الواردة من أوبك+ ونظرا إلى التوتر التجاري والمخاوف حيال النمو الاقتصادي.
◙ توقعات بانخفاض أسعار النفط الاثنين نتيجة للأخبار الواردة من أوبك+ ونظرا إلى التوتر التجاري والمخاوف حيال النمو الاقتصادي
وقال “مستمرون في وصف هذه (الخطوة) بأنها تخفيف ‘مُدار’ لتخفيضات الإنتاج وليس صراعا على حصص السوق“. وذكرت رويترز الأسبوع الماضي أن مسؤولين سعوديين أبلغوا حلفاء وخبراء في قطاع النفط بأن المملكة لا ترغب في دعم سوق النفط بالمزيد من تخفيضات الإنتاج.
وقالت حليمة كروفت المحللة في آر.بي.سي كابيتال ماركتس “من جديد، يبدو أن الالتزام هو محور التركيز الأساسي، مع استمرار كازاخستان والعراق في عدم تحقيق أهدافهما التعويضية، إلى جانب روسيا بدرجة أقل“.
وقال إرلان أكينزينوف وزير الطاقة في كازاخستان الشهر الماضي لرويترز إن بلاده ستغلِّب المصالح الوطنية على مصالح تحالف أوبك+ عند تحديد مستويات إنتاج النفط، في تصريحات تمثل تحديا للتحالف.
وتجاوز إنتاج كازاخستان من النفط حصتها في أوبك+ في أبريل، رغم انخفاضه ثلاثة في المئة. ويخفض تحالف أوبك+ إنتاجه بأكثر من خمسة ملايين برميل يوميا، ومن المقرر أن يستمر تطبيق الكثير من التخفيضات حتى نهاية عام 2026.
وتعقد اللجنة الوزارية لأوبك+ اجتماعا بكامل هيئتها في 28 مايو الجاري. وعمدت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بقيادة السعودية، إلى تشكيل تحالف أوبك+ عام 2016 مع دول أخرى من بينها روسيا، للتعامل مع التحديات التي تواجهها السوق.
وحتى وقت قريب، استغلّت الدول الـ22 المنضوية في التحالف والتي تعتمد غالبيتها بشكل كبير على الثروة النفطية، نُدرة الإمدادات لرفع الأسعار، فاحتفظت بالملايين من البراميل كاحتياطيات.