رسائل الصور.. ماكرون يستعرض «لياقته السياسية»
في مشهد أقرب إلى حملات التسويق الرقمي، ظهر إيمانويل ماكرون في مقطع مصوّر وهو يؤدي تمارين رياضية إلى جانب جنود فرنسيين.
وبحسب صحيفة «التايمز» البريطانية، ظهر الرئيس الفرنسي برفقة نجم وسائل التواصل الاجتماعي في مجال اللياقة البدنية تيبو ديلابارت، المعروف باسم «تيبو إنشيب».
والفيديو، الذي بثّه قصر الإليزيه على منصات «تيك توك» و«إنستغرام» و«إكس»، لم يكن مجرد استعراض رياضي عابر، بل رسالة سياسية محسوبة تسعى إلى إعادة تدوير صورة رئيس يواجه تراجعًا في شعبيته وتقلصًا في نفوذه التنفيذي، بحسب صحيفة التايمز.
ماكرون وبوتين.. من يخطو أولا على خط النار الأوكرانية؟
وظهر ماكرون، البالغ من العمر 48 عامًا، مرتديًا سروالًا رياضيًا قصيرًا أزرق وقميصًا أبيض، وهو يطلب من الجنود تنفيذ «سلسلة قصيرة من التمارين العسكرية» شملت تمارين الضغط والثبات ورفع الركبة، أمام مركبة مدرعة، قبل أن يشاركهم الجري.
وجاء ذلك خلال زيارة عيد الميلاد للقوات الفرنسية في منطقة الخليج، والتي صادفت أيضًا عيد ميلاده، في مشهد صُمّم بعناية ليجمع بين الرمزية العسكرية وحيوية وسائل التواصل الحديثة.
وتولى تيبو إنشيب، الذي يتابعه نحو 27 مليون شخص، مهمة التحفيز خلال التمرين، في لقطة تعكس رهان الإليزيه على نفوذ المؤثرين للوصول إلى فئة الشباب.
وضم الفيديو كذلك مشاهد لدبابة «لوكلير» مسرعة وهتافات الجنود، في إطار بصري يربط بين القوة البدنية والجاهزية العسكرية، ويعزز صورة الرئيس كقائد «صلب» في مرحلة سياسية دقيقة.
ويأتي هذا الاستعراض في سياق أوسع يعاني فيه ماكرون من تداعيات قراره الدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة العام الماضي، والتي أفضت إلى مشهد سياسي منقسم وحكومات أقلية ضعيفة.
كما ينسجم الخطاب المصاحب للفيديو مع مساعي الرئيس الفرنسي إلى تعزيز مكانة الجيش في الوعي العام، في ظل تصاعد المخاوف الأوروبية من التهديد الروسي، ومع إطلاق برنامج جديد للخدمة الوطنية التطوعية لمدة 12 شهرًا، يستهدف خريجي المدارس اعتبارًا من يوليو المقبل.
ولا يُعد هذا النمط من الظهور جديدًا على ماكرون، بل هو جزء من استراتيجية اتصال ممتدة، ففي العام الماضي، نُشرت له صور بالأبيض والأسود وهو يتدرب على الملاكمة، بالتزامن مع تصعيد خطابه تجاه موسكو بشأن الحرب في أوكرانيا.
وغالبًا ما تُقرأ هذه الاستعراضات بوصفها رسائل مزدوجة، موجهة للداخل الفرنسي وللخارج على حد سواء، بما في ذلك خصومه الدوليون مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث تحولت مصافحاتهما العلنية في أكثر من مناسبة إلى مشهد رمزي للتنافس على القوة والتأثير.
ويقف خلف هذه المقاطع فريق إعلامي محترف تقوده المصورة الشخصية للرئيس، سوزيغ دي لا مويسونيير، التي تسعى إلى تقديم ماكرون في صورة مغايرة لنمطه التقليدي كرجل دولة تكنوقراطي، عبر إطلالات غير رسمية ونشاطات ذات طابع «رجولي»، من زي الطيارين المقاتلين إلى الدراجات المائية في البحر المتوسط.
وبينما يراهن الإليزيه على صورة الرئيس القوي والنشط لاستعادة ثقة الرأي العام، تبقى الأسئلة مفتوحة حول مدى فاعلية هذا الرهان على المدى الطويل، وما إذا كانت اللياقة البدنية قادرة فعلاً على تعويض أزمة سياسية أعمق تتجاوز حدود الصورة إلى جوهر السلطة والقرار.