«عبر البوابة اللاتينية».. رسائل استراتيجية من بكين إلى واشنطن

وكالة أنباء حضرموت

أصدرت الصين هذا الأسبوع الورقة الثالثة الخاصة بسياسة بكين تجاه أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.

والخطوة تؤكد التزام الصين بتعزيز التعاون مع المنطقة بعيدًا عن أي حسابات جيوسياسية، وذلك في ظل حالة عدم اليقين المتزايدة على الساحة الدولية.

ووفقا لتقرير لموقع "بي إل إنجلش"، أوضح مساعد وزير الخارجية الصيني، كاي وي، أن الوثيقة تركز على تعزيز “بناء مجتمع ذو مستقبل مشترك” بين الصين ودول أمريكا اللاتينية والكاريبي، مؤكداً على أهمية التعاون الاقتصادي والثقافي والتنموي بين الجانبين.

وأشار مسؤول صيني إلى أن الوثيقة الجديدة تمثل استمراراً لسياسة الصين في تعزيز الروابط الاستراتيجية مع أمريكا اللاتينية، عبر مشاريع مشتركة واستثمارات في مجالات متنوعة، من بينها البنية التحتية والطاقة والزراعة والتكنولوجيا، بما يسهم في تحقيق منافع متبادلة ويحمي مصالح الجانبين في سياق التنافس الدولي المتصاعد.

توترات إقليمية
تأتي هذه التحركات في وقت تشهد فيه العلاقات الدولية تقلبات كبيرة، مع تصاعد التوترات في المحيطين الآسيوي والأمريكي اللاتيني، واستمرار المخاطر الاقتصادية العالمية، ما يجعل من التعاون متعدد الأطراف وتحسين العلاقات الثنائية محور اهتمام رئيسي للسياسة الخارجية الصينية في المرحلة المقبلة.

ويأتي هذا في وقت حساس في علاقات واشنطن بجيرانها اللاتينيين. وتُعدّ العلاقات بين الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية من أكثر العلاقات الدولية تعقيدًا وتشابكًا، إذ تجمع بين التعاون الاقتصادي العميق من جهة، والتوترات السياسية والتاريخية من جهة أخرى. فمنذ القرن التاسع عشر، لعبت واشنطن دورًا محوريًا في شؤون القارة اللاتينية، مستندة إلى اعتبارات جيوسياسية وأمنية واقتصادية، وهو ما ترك أثرًا طويل الأمد على طبيعة هذه العلاقات.

واقتصاديًا، تُعدّ الولايات المتحدة الشريك التجاري الأكبر لعدد من دول أمريكا اللاتينية، خاصة المكسيك ودول أميركا الوسطى، حيث ترتبط المنطقة باتفاقيات تجارة حرة، أبرزها اتفاقية الولايات المتحدة–المكسيك–كندا (USMCA). كما تعتمد واشنطن على المنطقة كمصدر للموارد الطبيعية والطاقة واليد العاملة، في مقابل تدفقات استثمارية وتحويلات مالية كبيرة.

سياسيًا، ظلت العلاقات متأرجحة بين الدعم والضغط. فقد دعمت الولايات المتحدة في فترات مختلفة أنظمة وحكومات موالية لها، بينما اصطدمت بحكومات يسارية وقومية رأت في السياسات الأمريكية تدخلاً في السيادة الوطنية، كما هو الحال في كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا. وغالبًا ما كانت قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان ذريعة مركزية في الخطاب الأمريكي، في حين ترى دول عديدة في المنطقة أن هذه القضايا تُستخدم أحيانًا كأدوات ضغط سياسي.

أمنيًا، يبرز ملف الهجرة غير النظامية ومكافحة تهريب المخدرات كعنصرين رئيسيين في العلاقة، إذ تسعى واشنطن إلى الحد من تدفقات المهاجرين عبر التعاون مع دول المصدر والعبور، بينما تطالب هذه الدول بدعم اقتصادي وتنموي لمعالجة جذور الأزمات الاجتماعية.

وفي السنوات الأخيرة، واجه النفوذ الأمريكي في أمريكا اللاتينية تحديات متزايدة مع توسع حضور قوى دولية أخرى، مثل الصين وروسيا، ما دفع واشنطن إلى إعادة تقييم استراتيجيتها تجاه القارة. وبين التعاون والتنافس.