لإنقاذ ما تبقى قبل فوات الأوان،، اليمن بحاجة إلى قرارات جريئة
جهاد وادي
تمر اليمن اليوم بمرحلة هي الأخطر في تاريخها المعاصر، مرحلة تتآكل فيها مؤسسات الدولة، وتتدهور فيها ال...
تمر اليمن اليوم بمرحلة هي الأخطر في تاريخها المعاصر، مرحلة تتآكل فيها مؤسسات الدولة، وتتدهور فيها العملة، وتتصاعد أزمات الناس المعيشية، في ظل صمت رسمي وتراخٍ دولي، وعجز واضح عن اتخاذ قرارات مصيرية تنقذ ما تبقى من روح الدولة، ومن آمال الشعب في مستقبل أفضل.
ففي الوقت الذي تتهاوى فيه العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، وتنعدم الخدمات الأساسية، وتتصاعد معدلات الفقر والبطالة، يعيش المواطن اليمني في دوامة من القلق، دون أن يرى أمامه ضوءًا في نهاية النفق، وهذا الانهيار المتسارع ليس قضاءً وقدرًا، بل نتيجة لغياب الرؤية، وافتقار القرار والإرادة السياسية الحقيقية لاتخاذ ما يلزم من إصلاحات جريئة.
اليمن بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى قيادة تمتلك الشجاعة، لا تُراهن على الخارج، ولا تُدار بعقلية المحاصصة والمصالح الضيقة، بل تقدم الوطن ومصلحة المواطن فوق كل اعتبار، قرارات جريئة يجب أن تبدأ بإصلاح شامل في بنية الدولة، ومكافحة الفساد بلا استثناء، وإنعاش الاقتصاد الوطني بعيدًا عن الاعتماد المفرط على المساعدات.
كما أن وحدة الصف الوطني تمثل ضرورة ملحّة لإعادة الاعتبار للوطن ولحمته الاجتماعية بعد أن جربنا على مدى سنوات كافة المصطلحات التمزيقية من مناطقية وطائفية وجهوية وحزبية والتي مزّقت النسيج الوطني، ولم نجنِ منها سوى الويلات والمآسي، لقد أثبتت التجربة أن لا سبيل للخلاص إلا بوحدة اليمنيين، وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الفئوية، والعمل على بناء مشروع وطني جامع، يُعيد الاعتبار للدولة ويمنح المواطن شعورًا بالأمان والانتماء، فالوطن بوحدته قوة، وبتمزقه ضعف وهلاك.
إن التأخر في اتخاذ قرارات مصيرية اليوم سيكون ثمنه باهظًا غدًا، فاليمن لم تعد تحتمل مزيدًا من التدهور، وشعبها لم يعد قادرًا على الصبر، والرهان على الوقت لم يعد مجديًا، بل هو مغامرة بمصير وطن كامل، فاللحظة الراهنة تتطلب إرادة وطنية تتجاوز الحسابات السياسية الضيقة، وتعيد توجيه البوصلة نحو مصلحة الوطن، ولعلّ التاريخ لا يرحم من فرّطوا في أوطانهم، ولا يغفر لمن وقفوا متفرجين على سقوطه.