حماس ليست مثالية، لكنها تقاتل الصهاينة الذين احتلوا فلسطين؛ فهل يُلام الحُرّ إذا دافع عن أرضه وأهله؟

تعدَّدت الفِرَق والجماعات في الساحة الدعوية، فأصبح كلُّ فريق يؤكِّد — على ألسنة دعاته وخطبائه — انتسابه إلى أهلِ السنةِ والجماعة. وتحولت جهودُ كلِّ جماعة إلى محاولةٍ لاحتكار ذلك اللقب وكسب عواطف عمومِ المسلمين عبر الخطب والمحاضرات.

لكن السؤال المهم: ما الموقف الشرعي من نُصرةِ غزة وأهلها الذين يتعرَّضون للإبادة على يدِ الصهاينة؟ وإذا استعانت المقاومة الفلسطينيةُ بالسلاحِ الذي يقدِّمه «الرافضة» للمقاتلين في غزة، فهل يُعدُّ ذلك محظورًا شرعًا؟ ألم تستعن دولُ الخليجِ بالجنودِ الأمريكيين لإخراجِ صدامَ حسين من الكويت وتم إسقاط حكمه في العراق، ثم عملَ الأمريكيونَ على تسليمِ العراق إلى «الرافضة» المجوس؟ فهل هذا الفعلُ يوافق فكرَ أهلِ السنةِ والجماعة؟

استعار النبيُّ صلى الله عليه وسلم يومَ حُنين ما بينَ الثلاثينَ أو الأربعينَ درعًا من أُميةَ بنِ صفوان، وكان مشركًا، ثم أعادها إليه؛ فماذا يُفهَم من فعلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قائدُ حماس خالد مشعل طلبَ من الدولِ العربيةِ السنيةِ دعمَهُ بالسلاح؛ فمن بادرَ منهم إلى تسليحِ المقاومة؟

فلسطينُ أرضٌ محتلة، وكلُّنا يدركُ ذلك، وتحريرُها واجبٌ على أهلها وجوبًا عينًا كالصلاةِ والصوم؛ فهل يحقُّ لأهلِ غزة وفلسطينَ استخدامُ سلاحٍ جُلبَ من «رافضيٍّ مجوسيٍّ»؟

إن وُجدت ملاحظاتٌ على فكرِ قادةِ حماس وجنودِها الذين يُقدِّمون أرواحَهم في سبيلِ تحريرِ أرضِهم من صهيونيٍّ لا يرحمُ طفلًا ولا شيخًا ولا امرأةً، فهل يليقُ أن يُهاجَمَ هذا الدمُّ النازفُ بالتقريعِ والنقدِ الآن؟ أهلُ غزة يُبادون عن بكرةِ أبيهم، ويُمنعُ عنهم الطعامُ والدواءُ؛ ونحن نشاهدُ معاناتَهم على الشاشات، وربما نأكلُ على موائدِنا ما لذَّ وطاب، ثم تُنطِقُ ألسنتُنا بنقدِ ما حدث في السابعِ من أكتوبر — أهو صحيحٌ أم غيرُ صحيحٍ؟

بدلًا من أن ننصرَ أهلَ غزة ونُؤازرَهم، ذهبنا ننتقدُهم. يا هؤلاء: ليسَ التوقيتُ مناسبًا لنقدِهم الآن؛ لا في المجالسِ ولا على المنابر. ما يقدِّمه أهلُ غزة من تضحياتٍ وبطولاتٍ لا يستحقُّ الخذلان.

ما حدث في السابعِ من أكتوبر ليسَ وقتًا لمناقشتِه الآن؛ الحربُ قائمةٌ معَ الصهاينة. الواجبُ نُصرةُ أهلِ غزة ومؤازرتُهم على الصمود. وبعدَ انتهاءِ الحرب يستطيعُ أهلُ العلمِ الذين لديهم قدرةٌ على تحليلِ الأحداثِ وفقَ ضوابطِ الشرعِ أن يُقيِّموا ما أقدَمَ عليه قادةُ حماس.

حفظَ اللهُ فلسطينَ وأهلَها من كلِّ سوءٍ، وجمَعَ كلمةَ المسلمينَ على الحقّ.