ياسين البشيري

التسوية اليمنية المتأخرة.. سيناريوهات ومعادلات معقدة

وكالة أنباء حضرموت

لم تعد التسوية السياسية في اليمن شأنًا محليًا صرفًا، بل باتت رهينة حسابات إقليمية ودولية معقّدة، أبرزها ارتباط جماعة الحوثي بمشروع إقليمي يتجاوز الحدود اليمنية، ويشكّل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي العربي والخليجي. هذا الارتباط هو أحد أهم أسباب تأخر التسوية، رغم الضغوط التي يمارسها التحالف العربي ودول مؤثرة في المجتمع الدولي لفرض حل شامل.

المملكة العربية السعودية، التي تتحمل العبء الأكبر من تهديدات الحوثيين، تدرك أن الطريق الأقصر لتفكيك المشروع الحوثي يكمن في إعادة بناء دولة يمنية ، قادرة على احتواء الجماعة في إطار الدولة، لا في إطار السلالة أو المشروع العقائدي.

خيارات القوى اليمنية في ضوء التسوية

أمام القوى اليمنية عدة مسارات، ولكل منها حساباته ومخاطره:
المؤتمر الشعبي... العام في الشمال

أي تسوية قادمة يدرك الحوثي أن المؤتمر الشعبي هو الورقة التي يراهن عليها الإقليم في الشمال، خاصة في ظل أي أجواء سياسية أو ديمقراطية محتملة.

لذلك سيعمل الحوثي على إضعاف الحزب ومنع توحيد صفوفه، حتى لا يتحول المؤتمر إلى قوة موازية يمكن أن تحد من نفوذه أو تستقطب الشارع ضده.

 


الانتقالي هو الكيان الأكبر والأكثر سيطرة في الجنوب، ويحظى بدعم التحالف العربي، كما يتبنى مشروع القضية الجنوبية العادلة المتمثل باستعادة دولة ما قبل 1990م.

يمتلك الانتقالي نقاط قوة عديدة، أبرزها صمود  الحاضنة ، والتمدد السياسي والعسكري بفعل الدعم الخارجي والتضحيات الداخلية.

غير أن التحدي الأكبر الذي يواجهه يكمن في المناطقية والإقصاء وخلافات الماضي، وهي الحلقة الأضعف التي يسعى الحوثي والخصوم لاستغلالها.

يدرك الحوثي أن إدخال شخصية جنوبية مثل الرئيس الأسبق علي ناصر محمد في أي مرحلة انتقالية للتسوية  قد يحقق له مكاسب استراتيجية.

فذلك قد يخلق انقسامًا جنوبيًا عميقًا، ويجذب قوى ومكونات جنوبية رافضة للانتقالي لكنها في الوقت نفسه لا تقبل مشروع الحوثي.

بهذا يتحول الجنوب إلى ساحة تجاذب جديدة تُضعف المجلس الانتقالي وتعيد إنتاج صراعات الماضي. وهنا  فقط قد يتمنى الانتقالي  خصومة رجال الرئيس هادي

يبدوا ان...

التسوية المنتظره  ليست مجرد اتفاق سياسي، بل هي ساحة اختبار حقيقية للقوى اليمنية.

في الشمال: معركة بقاء بين الحوثي وحزب المؤتمر.

في الجنوب: معركة وعي بين وحدة الصف الجنوبي ومحاولات تفكيكه عبر أدوات داخلية وخارجية.


الانتقالي، رغم قوته العسكرية والسياسية، بحاجة إلى إدراك أن مخاطر الانقسام الداخلي أخطر من أي مواجهة مع الحوثي أو القوى الشمالية. فالقوى المعادية تراهن على تغذية هذه الانقسامات، وتحويلها إلى أداة لإضعاف مشروع الجنوب.
لذا ..

قبل  أي تسوية سياسية، يحتاج المجلس الانتقالي الجنوبي إلى الانفتاح على كافة القوى والمكونات الجنوبية، وبناء تقارب جنوبي جنوبي يُفشل أي مخطط خارجي أو داخلي لصناعة الانقسام.

إن التسوية القادمة وان تاخرت  قد تكون بداية النهاية للحرب، لكنها أيضًا قد تكون بداية صراع جديد أكثر تعقيدًا إن لم تُحسن القوى   قراءة المشهد وإدارة معادلاته.